أعلن مسؤولون أوكرانيون، الجمعة، أن قصفاً روسياً على منطقة أوديسا بجنوب أوكرانيا أثناء الليل، أودى بحياة 4 أشخاص وأصاب آخرين، وذلك بالتزامن مع جولة أوروبية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإجراء مباحثات مع حلفاء غربيين، في الوقت الذي يسعى فيه لتعزيز خططه لعقد قمة سلام ثانية للدفع باتجاه إنهاء الحرب مع موسكو الشهر المقبل، بينما واصل تحذيراته بشأن شح الدعم العسكري الغربي لبلاده، على حد وصفه.

ويعد هذا الهجوم الروسي الرابع على ميناء أوديسا المطل على البحر الأسود، والمنطقة المجاورة خلال الأيام الخمسة الماضية. 

وقال أوليه كيبر حاكم منطقة أوديسا الأوكرانية، إن المنطقة أُعلنت يوم حداد الجمعة لتذكر الأشخاص الذين سقطوا ضحايا في هجوم بطائرة مسيرة روسية في 9 أكتوبر.

وأضاف كيبر على تطبيق تليجرام: "خلال يومين استهدف الإرهابيون الروس 13 مدنياً في منطقة أوديسا، معظمهم من الشباب".

وتمثل القدرة على الحفاظ على الصادرات عبر موانئ البحر الأسود أمراً بالغ الأهمية للاقتصاد الأوكراني الذي تضرر بشدة جراء الغزو الروسي للبلاد.

وأوضح مكتب المدعي العام أن القوات الروسية ضربت البنية التحتية المدنية بصاروخ إسكندر باليستي نحو الساعة 22:35 (19:35 بتوقيت جرينتش) مساء الخميس.

وقال مسؤولون إن مبنى تجاري من طابقين يضم مرافق إنتاج غذائي، حيث يعمل المدنيون تضرر، وأصيب 10 أشخاص آخرون.

وقال المدعي العام أندريه كوستين، إن الهجمات الروسية استهدفت البنية التحتية المدنية وسعت إلى خلق ظروف معيشية مستحيلة لملايين الأوكرانيين.

وقالت القوات الجوية الأوكرانية، إنها أسقطت 29 من إجمالي 66 مسيرة أطلقتها روسيا خلال الليل، مشيرة إلى أن موسكو أطلقت أيضاً صاروخين، وأنه لا يتسنى تحديد مواقع 31 طائرة مسيرة أخرى.

ولم يصدر تعليق فوري على الضربة على أوديسا من موسكو، التي تنفي استهداف المدنيين، وتقول إنها تستهدف فقط البنية التحتية العسكرية وغيرها من الأهداف العسكرية، على الرغم من تعرض مدن وبلدات في جميع أنحاء أوكرانيا للضرب بشكل متكرر.

وقال مسؤولون أوكرانيون، إن روسيا نفذت نحو 60 هجوماً على الموانئ خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما أسفر عن إلحاق الضرر وتدمير نحو 300 منشأة للبنية التحتية للموانئ، و177 مركبة، و22 سفينة مدنية.

"خطة النصر"

تزامنت الموجة الجديدة من الضربات على موانئ البحر الأسود الأوكرانية مع زيارات الرئيس فولوديمير زيلينسكي هذا الأسبوع للقاء زعماء في لندن وباريس وروما وبرلين لمناقشة "خطة النصر" المقترحة، التي ترسم نهاية للصراع مع موسكو.

وبحث زيلينسكي، الخميس، الخطة المقترحة مع قادة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، والأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، في إطار سعيه لحشد الدعم العسكري لوضع نفسه في موقف يسمح له بإجراء محادثات سلام في نهاية المطاف، بعد أن وصلت الحرب إلى مرحلة حرجة. 

وقبل أقل من شهر على انتخابات الرئاسة الأميركية، وقرب حلول الشتاء في أوكرانيا وسط وابل من الضربات الروسية على البنية التحتية الرئيسية للطاقة، يحرص الرئيس الأوكراني على الحصول على المزيد من الدعم الغربي لمحاولة تغيير التوازن في ساحة المعركة.

وقال زيلينسكي للصحافيين في باريس، عندما سئل عن مؤتمر سلام محتمل: "قمة السلام المقبلة يجب أن تكون في نوفمبر. الخطة ستطرح على الطاولة.. في أوائل نوفمبر ستطرح الخطة بكل التفاصيل"، رافضاً أي حديث عن وقف إطلاق النار، كما لم يذكر تفاصيل محددة سواء في لندن أو باريس بشأن "خطة النصر".

وأجرى زيلينسكي في وقت سابق محادثات مع الأمين العام للناتو، مارك روته، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. وبالإضافة إلى "خطة النصر"، ناقشوا ما إذا كانت أوكرانيا يمكن أن تستخدم صواريخ غربية ضد أهداف في روسيا.

واقترح زيلينسكي أن ترسل موسكو وفداً إلى قمة السلام المقبلة التي يأمل في عقدها في نوفمبر، على الرغم من عدم توجيه الدعوة لها لحضور قمة السلام الأخيرة، التي عُقِدت في سويسرا، في يونيو الماضي، إذ قال الرئيس الأوكراني آنذاك، إنه لا يمكن إجراء أي محادثات إلا بعد الانسحاب الروسي من البلاد.

ومارس زيلينسكي ضغوطاً من أجل انضمام الولايات المتحدة وبريطانيا إلى فرنسا، للسماح لها باستخدام قذائف بعيدة المدى تبرع بها حلفاؤها لضرب الأراضي الروسية، وهو الأمر الذي قال روته إنه طرح خلال الاجتماع.

وقال روته للصحافيين في "داونينج ستريت" بعد المحادثات: "ناقشنا الأمر اليوم، ولكن في النهاية الأمر متروك للدول الأعضاء في الحلف".

وقال المتحدث باسم ستارمر، إنه لم يكن هناك تغيير في موقف الحكومة البريطانية بشأن استخدام صواريخ بعيدة المدى.

وقالت روسيا في وقت سابق إنها سترد إذا سمحت الدول الغربية لأوكرانيا بضرب روسيا بصواريخها. وقال الرئيس فلاديمير بوتين، الشهر الماضي، إن مثل هذا القرار يعني أن دول الناتو تقاتل روسيا بشكل مباشر، وأن "جوهر هذا الصراع سيتغير".

تباين بشأن تسليح أوكرانيا

وبخلاف بريطانيا والولايات المتحدة، قالت فرنسا إنه يجب السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى من طراز SCALP، لضرب أهداف في روسيا. ومن غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا فعلت ذلك بالفعل.

وقال زيلينسكي بعد اجتماع لندن إنه أوضح كيفية خلق "الظروف المناسبة لإنهاء عادل للحرب" دون الخوض في التفاصيل.

كما عارض حليف آخر هو إيطاليا، حيث التقى زيلينسكي رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، مساء الخميس، استخدام أوكرانيا صواريخ لضرب روسيا.

ومع ذلك، قالت ميلوني بعد محادثاتهما إن إيطاليا عازمة على مساعدة أوكرانيا طالما كان ذلك ضرورياً.

كانت الاجتماعات في أوروبا، إلى جانب اجتماع في برلين، الجمعة، تهدف إلى توضيح موقف أوكرانيا وربما تحديد متطلباتها لقبول محادثات سلام مستقبلية بعد إلغاء قمة لداعميها الرئيسيين في ألمانيا.

وفي باريس، سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى إظهار أن بلاده لا تزال تدعم كييف بشكل كامل في حربها، على الرغم من الصعوبات السياسية في الداخل، التي أثارت تساؤلات بشأن قدر المساعدة التي ستتمكن فرنسا من تقديمها في الأشهر المقبلة.

وقال زيلينسكي في باريس بعد اجتماعه مع نظيره الفرنسي، إن جيشه يواجه نقصاً في المعدات العسكرية، حيث عزز خططه لعقد قمة ثانية للدفع نحو إنهاء حرب روسيا الشهر المقبل، مضيفاً: "قبل الشتاء، نحتاج إلى دعمكم"، وفق ما أوردت "بلومبرغ".

وكان من المقرر أن يقدم الرئيس الأوكراني "خطة النصر" إلى الحلفاء في ألمانيا هذا الأسبوع، لكن القمة تأجلت بعد أن ألغى الرئيس الأميركي جو بايدن زيارته للتركيز على إعصار "ميلتون".

دعم أميركي لتمويل كييف

وأشارت الولايات المتحدة إلى أنها تعتزم المشاركة في جهود جمع الأموال لمجموعة السبع من أجل أوكرانيا، على الرغم من رفض الاتحاد الأوروبي لطلب واشنطن بضمانات بأن الأصول الروسية ستظل مجمدة في الكتلة لفترة أطول.

وأبلغ مسؤولون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن واشنطن تستعد للمشاركة في قرض بقيمة 50 مليار دولار لكييف الذي وافق عليه زعماء مجموعة السبع في يونيو حتى بدون تمديد فترة عقوبات الاتحاد الأوروبي، مع تصاعد الضغوط لإظهار جبهة موحدة بشأن أوكرانيا قبل دخول رئيس جديد إلى البيت الأبيض.

وبموجب اتفاق مجموعة السبع، سيسدد القرض بالكامل بقيمة 50 مليار دولار من أرباح أصول المصرف المركزي الروسي المجمدة، التي توجد أغلبها في الاتحاد الأوروبي.

كان المسؤولون ناقشوا في البداية، أن تقدم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي 20 مليار دولار، مع مساهمة كندا واليابان وبريطانيا بالعشرة مليارات دولار المتبقية.

ولكن الولايات المتحدة اشترطت في الأصل أن تشترك في هذه المفاوضات على أساس التغييرات التي تطرأ على نظام العقوبات الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي لضمان بقاء أصول الدولة الروسية البالغة 210 مليار يورو مجمدة في الاتحاد لمدة 3 سنوات على الأقل.

واعترضت المجر على هذا التغيير، الأربعاء، وأصرت على استمرار تجديد العقوبات كل 6 أشهر، وهذا أجبر المفوضية الأوروبية على التوصل إلى خطة بديلة لجمع ما يصل إلى 35 مليار يورو (39 مليار دولار) من الميزانية المشتركة للاتحاد، وهو القرار الذي لم يتطلب سوى دعم أغلبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.