وقالت الصحيفة إن رئيس مجلس أمناء هيئة الاتصالات والإعلام سابقا علي الخويلدي، عاش في منزل فخم في المملكة المتحدة، بين عامي 2016 و2017 بعد تورطه في قضايا فساد وخروجه من البلاد.
أما رئيس هيئة الإعلام والاتصالات السابق صفاء الدين ربيع، المتورط الثاني في صفقات الفساد، فقد كان يعيش في منزل تبلغ قيمته 1.9 مليون دولار، ويقع في بلدة بانستيد.
وأكدت "ذا ناشيونال، أن العقارين يشتركان في أنهما استخدما كرشاوى في عملية احتيال بقيمة 810 ملايين دولار.
"الرشوة بالعقارات"
ووف المصدر، فإن تورط صفاء ربيع وعلي الخويلدي في مجموعة من قضايا الفساد بمليارات الدولارات تدور حول شركة "كورك تيليكوم"، إحدى أكبر شركات تشغيل الهاتف المحمول في العراق.
وحينما تسلم الخويلدي عقارا بقيمة 830 ألف جنيه إسترليني في شمال لندن، فقد زعمت الوثائق القانونية أنه كان متورطا في صفقة فساد.
وفي نفس الوقت، تم شراء منزل آخر باسم منصور سكر في بانستيد في المملكة المتحدة، في عملية عرض وبيع لصالح ريهام ربيع وهي ابنة رئيس هيئة الإعلام والاتصالات السابق صفاء الدين ربيع.
وقد وضعت العقار تحت المراقبة، والتقطت صورا لعائلة ربيع، فضلا عن إجراء تحقيقات سرية، حيث تم تصوير ريهام ربيع في العقار في سبتمبر 2019.
وفي حكمها، قالت المحكمة إنها "مقتنعة بأن الأدلة تؤكد أن معاملات العقار تم ترتيبها كرشاوى" للخويلدي وصفاء الدين ربيع".
واعتبرت أن المسؤولين الاثنين في هيئة الاتصالات والإعلام ساعدا في مصادرة أصول شركة الاتصالات العراقية، وكشفت عن كيفية فرار الرجلين بعد ذلك إلى لندن.
وأضافت المحكمة أن "الأفعال التي تم القيام بها لتنفيذ المؤامرة كانت غير قانونية".
عملية احتيال باستخدام الرشوة
وقد كشفت مجموعة من وثائق المحكمة وغيرها من السجلات التي اطلعت عليها "ذا ناشيونال" عن مؤامرة من قبل شخصيات عراقية وشركائهم لطرد المستثمرين الأجانب من إحدى أكثر شبكات الاتصالات ربحية في البلاد.
وقالت لجنة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في عام 2023 إن مخطط الاحتيال على المستثمرين كان قائما على رشوة الجهات التنظيمية من طرف شركة "كورك تيلكوم".
وشكل المستثمرون الأجانب شركة تسمى عراق تيليكوم، وهي مشروع مشترك بين شركة أورانج الفرنسية وأجيليتي الكويتية، لغرض الاستثمار في شركة كورك، ومقرها في كوردستان العراق.
وبعد انكشاف المخطط، أمرت محكمة التحكيم سيروان بارزاني وكورك بدفع 1.65 مليار دولار لشركة عراق تيليكوم.
كيف تم تنفيذ عملية الاحتيال؟
في عام 2007، حصلت شركة "كورك تيلكوم" على رخصة وطنية من هيئة الاتصالات والإعلام، وكان الزاما عليها أن تدفع رسوم ترخيص قدرها 1.25مليار دولار.
وبحلول عام 2010، كانت الشركة بحاجة إلى مزيد من الدعم المالي والفني، فدخلت في شراكة مع شركتي أجيليتي وأورانج، والمعروفتين آنذاك باسم "فرانس تيليكوم".
وتم تأسيس شركة قابضة جديدة ــ إنترناشيونال هولدينغز ــ أصدرت لها شركة كورك جميع أسهمها القائمة والأسهم التي أصدرتها في مقابل الاستثمار.
واستثمرت الشركتان -أجيليتي وأورانج- نحو 810 ملايين دولار لشراء حصة غير مباشرة بنسبة 44% في شركة كورك، بينما احتفظ المساهمون العراقيون في الشركة بالباقي، حيث كان بارزاني يمتلك الحصة الأكبر.
وتضمنت الصفقة المالية المعقدة أيضا قروضا لشركة كورك وتأمين الحق في تلقي مدفوعات الفائدة على ديون الشركة.
كما تضمن الاتفاق، الذي أبرم في مارس 2011، ما يعرف بخيار الشراء الذي يسمح للشركة بشراء المزيد من الأسهم والسيطرة على شركة كورك.
وفي عام 2013، أراد بارزاني والمساهمون القدامى في شركة كورك منع الشركاء الدوليين من ممارسة خيار حصة الأغلبية في الشركة.
تدخل هيئة الاتصالات والإعلام
ورغم الاتفاق المسبق فقد قرر بارزاني والمساهمون تحقيق غايتهم في منع المستثمرين الأجانب من الحصول على حصص إضافية من خلال استخدام "الرشاوي المالية والمعاملات العقارية لصالح كبار المسؤولين في هيئة الاتصالات والإعلام".
وقد أصبحت هيئة الاتصالات والإعلام تعارض بشكل متزايد عمل شركة الاتصالات العراقية مع كورك، وفقا للأدلة المقدمة إلى المحكمة.
وفي ديسمبر 2013، زعمت رسالة وقعها صفاء الدين ربيع إلى شركة كورك أن كورك وأجيليتي وأورانج فشلت في الوفاء بالشروط التي تمت الموافقة على الاستثمار بموجبها.
ولكن المحكمة اعتبرت أن هذا العداء الواضح كان "مدبرا" من قبل بارزاني خلف الكواليس، بهدف إحباط خيار شراء حصة الأغلبية في الشركة.
رشاوي هيئة الاتصالات وإنهاء الصفقة
وخلال تلك الفترة، تم تحويل 18.6 مليون دولار إلى شركة "آي سي 4 إل سي"، وهي شركة محاماة لبنانية كانت تعتبر واجهة لتوجيه الرشاوى إلى هيئة الاتصالات والإعلام، حسبما ذكرت هيئة التحكيم.
وفي مايو 2014، أصدرت شركة أورانج بيانا يشير إلى أنها تتوقع الحصول على أغلبية الحصص في كورك.
ولكن في يوليو، أعلنت هيئة الاتصالات والإعلام قرارها "بإلغاء الشراكة بين كورك" وأورانج وأجيليتي، وأعلنت أنها "باطلة".
وأمرت هيئة الاتصالات والإعلام شركة كورك "بإعادة" وضعها قبل الصفقة مع أورانج وأجيليتي و"إنهاء" أي صفقات لتخصيص أسهم للشركات.
وقد وقع صفاء الدين ربيع على الرسالة وأصدرت باسم مجلس أمناء هيئة الاتصالات والإعلام برئاسة علي الخويلدي.
إعادة الأسهم إلى بارزاني وشركائه
وفي إشعار آخر في أغسطس، أمرت هيئة الاتصالات والإعلام بإعادة أسهم شركتي أورانج وأجيليتي إلى أصحابها الأصليين وهم بارزاني وشركائه.
وقالت المحكمة: "بينما كانت الرسالة موجهة إلى كورك، كان التأثير النهائي هو مصادرة مصالح شركة عراق تيليكوم".
وأصدر سجل شركات كردستان إشعارا في مارس 2019 بإعادة الأسهم إلى وضعها الذي كانت عليه قبل مارس2011، حيث حصل بارزاني على 75 في المائة، وحصل جوشين بارزاني على 25 في المائة، وذهب 5 في المائة إلى جيكسي مصطفى.
وقد توصلت هيئة التحكيم إلى أن كوريك وبارزاني "قدما رشاوى وأفسدا مسؤولين في هيئة الاتصالات والإعلام".
استثمارات ضخمة
وقالت أجيليتي لصحيفة "ذا ناشيونال" إنها "بالشراكة مع أورانج، استثمرت مئات الملايين من الدولارات في كورك بهدف تحويل الشركة إلى مشغل اتصالات محمول وطني من الطراز العالمي قادر على تطوير قطاع الاتصالات في العراق".
وقالت الشركة في بيان لها: "قررت هيئة تحكيم تضم محامين بارزين أن هذا المشروع الجريء دمر بسبب سوء تصرف المساهمين العراقيين في كوريك".
وتابع: "نحن سعداء بكشف هذا السلوك الفظيع الذي كانت أجيليتي ضحية له، ونأمل أن تفي كورك وسيروان بارزاني بالتزاماتهما أخيرا وأن يصححا الخطأ الذي وقع علينا".
شركة محاماة "وهمية"
ومن وراء رشوة المسؤولين واقتناء العقارات في لندن، كان يظهر اسم ريموند رحمة وشركة المحاماة "آي سي 4 إل سي".
وريموند رحمة هو رجل أعمال لبناني، وقد فرضت عليه وزارة الخزانة الأميركية العام الماضي عقوبات مع شقيقه تيدي، واتهمتهما بالاستفادة من الفساد العام.
ووصفت المحكمة رحمة بأنه "شريك" لبارزاني، وعندما يتعلق الأمر بشراء العقار، فإن "مشاركته في المعاملات لا يمكن تفسيرها إلا باعتبارها قناة للرشاوى".
وقد وجدت المحكمة أن ربيع والخويلدي تلقيا أيضا مبالغ كبيرة من المال كرشاوى، بالإضافة إلى العقارات. وقد تم "إيصال" هذه الأموال من خلال شركة المحاماة التي وصفت بأنها واجهة و"كيان مرتبط برحمة".
وجاء في الحكم أن الأدلة المسجلة، إلى جانب فشل المدعى عليهم في تقديم الوثائق "تبرر الاستنتاج بأن جزءا كبيرا من المبالغ المسجلة كأتعاب قانونية واستشارية كانت في الواقع "مدفوعات للمسؤولين".
ووجدت المحكمة أن بارزاني، من خلال الحصول على قرار هيئة الاتصالات والإعلام من خلال الرشوة والفساد، انتهك التزامه بموجب القانون "بالتصرف بأمانة وحسن نية وبشكل قانوني، بهدف تحقيق أفضل مصالح الشركة".