اتجهت أنظار العالم مساء الاثنين الماضي إلى مركز كينيدي للفضاء في مدينة كانافيرال بولاية فلوريدا الأميركية، حيث كان من المقرر إطلاق أول رحلة مأهولة للفضاء لشركة بوينغ على متن كبسولة ستارلاينر الفضائية. لكن لدهشة الكثيرين، تم الإعلان عن تأجيل الرحلة التي طال انتظارها لسنوات قبل وقت قليل من بدء العد التنازلي للإطلاق، والسبب.. اكتشاف عيب في أحد صمامات الضغط.

تأجيل 10 أيام على الأقل

وكشفت إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) أمس الثلاثاء أنها أجلت الموعد المستهدف للمحاولة التالية لإطلاق كبسولة ستارلاينر لمدة لا تقل عن 10 أيام لاستبدال صمام الضغط في الصاروخ الداعم للكبسولة. وتسبب تأجيل الرحلة في إحباط الكثيرين، إذ كان يُنظر إليها باعتبارها خطوة رئيسية لمواكبة المنافسة مع شركة سبيس إكس التابعة لإيلون ماسك، التي أصبحت تهيمن على حصة أكبر من رحلات الفضاء وصفقات ناسا المربحة، خاصة مع تأجيل بوينغ موعد الرحلة عدة مرات خلال السنوات الأخيرة.
وتم الإعلان عن التأجيل مساء الاثنين قبل أقل من ساعتين من الموعد المقرر إثر اكتشاف عطل في صمام تنظيم الضغط في خزان الأكسجين السائل في المرحلة العليا للصاروخ المسؤول عن إطلاق الكبسولة الجديدة إلى المدار. يذكر أنه تم إعداد الصاروخ -أحد المكونات المنفصلة عن كبسولة ستارلاينر- بواسطة «تحالف الإطلاق المتحد» (وهو مشروع مشترك بين شركتي بوينغ ولوكهيد مارتن). وبعد تأجيل محاولة الإطلاق يوم الاثنين، أعلنت كل من ناسا وبوينغ والتحالف أنها ستسعى للمحاولة مرة أخرى يوم الجمعة. لكن ناسا قالت لاحقاً إن الأمر سيستغرق المزيد من الوقت بعد أن قرر التحالف «إزالة واستبدال» صمام الضغط المعيب، وسيتطلب ذلك إعادة الصاروخ إلى وحدة التصنيع اليوم الأربعاء لقياس احتمالات التسرب وإجراء الإصلاحات المطلوبة قبل محاولة الإطلاق الثانية.
وفي ضوء تلك الإصلاحات، تم تأجيل موعد الإطلاق المحتمل لأسبوع آخر. وبمجرد الإطلاق، ستتجه الكبسولة وعلى متنها اثنان من رواد فضاء ناسا المحترفين إلى وكالة الفضاء الدولية، ومن المقرر أن يمكثا لنحو أسبوع في الوكالة قبل العودة إلى الأرض والهبوط في الصحراء الواقعة جنوب غرب الولايات المتحدة بمساعدة المناطيد الهوائية.

ضغط متزايد على بوينغ

وفي عام 2019، أرسلت بوينغ مركبة ستارلاينر في رحلة غير مأهولة إلى وكالة الفضاء الدولية، لكنها فشلت وعادت إلى الأرض قبل الموعد المحدد بعدة أيام نتيجة للعديد من العيوب البرمجية والهندسية. لكن في عام 2022، استطاعت الشركة تسيير رحلة ناجحة إلى وكالة الفضاء الدولية ذهاباً وعودة، وإن لم تكن مأهولة بطاقم بشري. واليوم، وبعد عامين من هذا التاريخ، تسعى بوينغ لإطلاق أول رحلة مأهولة بطاقم بشري إلى الفضاء، في وقت تواجه فيه عملاقة صناعة الطائرات الأميركية انتقادات متزايدة بشأن عيوب السلامة، ليس في أنشطتها الفضائية فحسب بل وفي رحلاتها التجارية أيضاً، ولعل أشهرها انفصال باب عن جسم الطائرة بوينغ 737 ماكس 9 أثناء تحليقها في الهواء في يناير كانون الثاني الماضي. وتبذل الشركة قصارى جهدها لإنجاح برنامج ستارلاينر الذي كبدها خسائر حتى الآن بـ1.5 مليار دولار بسبب التأجيل المتكرر لموعد الإطلاق. وتواجه بوينغ منافسة شرسة مع سبيس إكس التي أصبحت الخيار المفضل لوكالة ناسا لتسيير رحلات الفضاء، إذ تعكف الوكالة على برنامج طموح لتأسيس مركبات فضائية خاصة لنقل رواد الفضاء والعملاء إلى وكالة الفضاء الدولية ثم إلى القمر والمريخ.