تثير إطاحة فصائل المعارضة المسلحة السورية بنظام بشار الأسد تساؤلات عديدة بشأن مصير الوجود العسكري الروسي، إذ أصبحت القواعد الروسية الآن تشكل "عبئاً كبيراً" في بلد مزقته الحرب الأهلية، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وتشمل المواقع العسكرية الروسية في سوريا، ميناءً بحرياً على البحر الأبيض المتوسط ​​لإرساء الغواصات، ومطاراً تتسخدمه روسيا لعمليات عبر منطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا، ولكن بعد أن أطاحت الفصائل المسلحة بالرئيس المدعوم من الكرملين، فإن مستقبل هذه المنشآت أصبح "غامضاً".

وانتقدت جماعة "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر الآن على الدولة السورية، الدول الأجنبية التي أيّدت نظام الأسد، بما فيها روسيا التي دعمت الأسد في الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاماً، واستهدفت المسلحين بضربات جوية منذ عام 2015.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، الاثنين، إن روسيا تفعل "كل ما هو ضروري وكل ما هو ممكن" للتواصل مع أصحاب السلطة في سوريا لضمان أمن قواعدها العسكرية.

وتحتفظ دول أخرى أيضاً بمرافق عسكرية في سوريا. فقد استضافت القاعدة الأميركية في التنف، على الحدود السورية مع الأردن، قوات العمليات الخاصة؛ وتمتلك تركيا قواعد في إدلب وأماكن أخرى في الشمال. لكن الوجود الروسي يظل أكبر بكثير من حيث الحجم والأهمية الاستراتيجية.

البصمة العسكرية الروسية في سوريا

وتقع القواعد الروسية الأكثر شهرة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط وهما، قاعدة بحرية في طرطوس، ومطار في حميميم في محافظة اللاذقية.

وبنت روسيا قاعدة طرطوس في حقبة الحرب الباردة في عام 1977. وظلت خاملة في الغالب منذ سقوط الاتحاد السوفييتي حتى تدخلت روسيا في الحرب الأهلية في عام 2015. وبعد ذلك وقعت روسيا اتفاقية إيجار لمدة 49 عاماً، ووسعت المنشأة، وفق "واشنطن بوست".

وكان بناء قاعدة حميميم الجوية في مطار سوري في عام 2015، علامة على تعميق العلاقة بين موسكو ودمشق. كما أنها ملزمة بعقد إيجار مدته 49 عاماً، تم توقيعه في عام 2017.

وتزعم روسيا أنها نشرت عشرات الآلاف من القوات في سوريا، وتشير "واشنطن بوست" إلى أن موسكو قلصت وجودها هناك منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

ووفقاً لشركة الاستخبارات الدفاعية Janes، كان لدى روسيا العديد من المرافق العسكرية الأخرى في سوريا، بما في ذلك قاعدتان جويتان في وسط البلاد وموقعان لأنظمة الدفاع الجوي "إس-400".

وأفادت وكالة الأنباء السورية نورث برس، الاثنين، بأن القوات الروسية كانت تخلي بالفعل قواعد في منبج وكوباني.

وكانت منبج ذات يوم قاعدة أميركية؛ استولت عليها روسيا في عام 2019، بعد أن تخلت عنها الولايات المتحدة، واستخدمت روسيا قاعدة كوباني لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار مع تركيا.

ونقلت "واشنطن بوست" أنه لا يوجد دليل حتى الآن على انسحاب واسع النطاق من طرطوس أو حميميم، مضيفة أن خسارة طرطوس سيكون لها تأثير كبير على البحرية الروسية، التي تحاول الحفاظ على وجود دائم في شرق البحر الأبيض المتوسط.

ومع خسارة هذا الميناء والمرافق المماثلة في البحر الأسود المعرضة للحرب في أوكرانيا، قال محللو Janes الاثنين، إن روسيا ستضطر إلى إعادة نشر السفن والغواصات في بحر البلطيق.

واستخدمت روسيا قاعدة حميميم الجوية كمركز ليس فقط لضرب المسلحين السوريين، ولكن أيضاً لدعم المرتزقة في ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، كما كتب الصحافي والمحلل الروسي أنطون مارداسوف في عام 2020 لمعهد الشرق الأوسط.

900 جندي أميركي في سوريا

وخلال الحرب الأهلية السورية، دخلت العديد من الأطراف الأجنبية، بما في ذلك حلفاء الأسد، إيران و"حزب الله"، إلى المشهد.

وأنشأت الولايات المتحدة موقع التنف بعد أن استولى تنظيم داعش على الأراضي على الحدود في عام 2015. وقد تم استخدام القاعدة لتدريب الجماعات المسلحة المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا.

كما أرسلت الولايات المتحدة قوات إلى مناطق في الشمال الشرقي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.

وقال المتحدث باسم البنتاجون اللواء باتريك رايدر، للصحافيين الأسبوع الماضي، إن هناك 900 جندي أميركي في سوريا، معظمهم في شمال شرق البلاد.

وتركيا هي أيضاً قوة بارزة في الشمال، من خلال دعمها لما يسمى بـ"الجيش السوري الحر"، والذي يُعتبر على نطاق واسع وكيلاً لأنقرة، وقواتها الخاصة، التي أنشأت قواعد في إدلب وحولها، وفق "واشنطن بوست".

وذكرت الصحيفة أن المصلحة الرئيسية لتركيا في سوريا هي معارضتها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تربطها علاقات بجماعات كردية داخل تركيا.

وبينما احتفل الناس في دمشق هذا الأسبوع برحيل الأسد، استولى الجيش الوطني السوري على منطقة خاضعة لسيطرة الأكراد في منبج، وفقاً لروايات محلية نقلتها "واشنطن بوست".