تحوّل القطب الشمالي في الآونة الأخيرة إلى محور اهتمام عالمي، حيث يزداد حماس الحكومات والمستثمرين تجاه هذه البقعة الجغرافية المهمة، التي تقارب مساحتها 14 مليون كيلومتر مربع، والتي تخفي في أعماق بحرها وبرّها، احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، إلى جانب معادن حيوية للصناعات العسكرية، مثل التيتانيوم والبلاديوم وخام الحديد.

وحتى وقت قريب، بقيت هذه الثروات مدفونة في باطن الأرض، ليس لعدم إدراك الناس وجودها، بل لأن استخراجها كان مكلفاً للغاية، ولكن مع ذوبان القمم الجليدية في القطب الشمالي بسبب التحوّل المناخي، أصبحت عملية الوصول إلى هذه الكنوز الطبيعية أسهل، وهو ما يجعل من القطب الشمالي حالياً، ساحة جديدة للتنافس الجيوسياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا، وأيضاً الصين التي تسعى لتعزيز موطئ قدمها في هذه الرقعة الجغرافية الاستراتيجية.

وبالنسبة لبعض الحكومات والمستثمرين، لا يُعتبر وجود كوكب دون غطاء جليدي مأساة كبيرة، فذوبان الجليد في القطب الشمالي، قد يقلب وضع التجارة والطاقة في العالم رأساً على عقب، حيث سيؤدي هذا الأمر أولاً، إلى فتح ثلاثة مسارات بحرية جديدة هي، طريق البحر الشمالي (nsr)، الممر الشمالي الغربي (nwp)، وطريق البحر عبر القطب الشمالي (tsr). ويمكن لهذه الطرق أن تختصر الرحلات بين آسيا وأميركا الشمالية وأوروبا، التي تُمثل معظم عمليات الشحن في العالم.

كنوز دفينة تحت الجليد

كما أن ذوبان الجليد والأنهار الجليدية في القطب الشمالي سيُسهّل عملية استخراج المعادن من تلك المنطقة، في الوقت الذي يتوق فيه العالم للوصول إلى موارد جديدة، حيث تشير بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إلى أن القطب الشمالي يحتوي على 1670 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وحوالي 90 مليار برميل من النفط، لتُعادل هذه الموارد نحو 13 بالمئة من احتياطيات النفط غير المكتشفة عالمياً، و30 بالمئة من احتياطيات الغاز الطبيعي غير المكتشفة.

كما كشف مسح أجرته هيئة المسح الجيولوجي في الدنمارك وغرينلاند خلال عام 2023 أن أراضي جزيرة غرينلاند الواقعة في القطب الشمالي، تحتوي على رواسب كبيرة لـ 38 معدن خام مثل الليثيوم والهافنيوم واليورانيوم والذهب والغرافيت والنيوبيوم والتيتانيوم، معظمها ذات مواصفات متوسطة وعالية، حيث تعتبر هذه المواد حيوية لكل شيء، بدءاً من الهواتف الذكية مروراً بالسيارات الكهربائية، وصولاً إلى المعدات العسكرية.