قالت السعودية وبريطانيا في بيان مشترك، الخميس، إنهما ترحبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها، وأكدا على ضرورة تقديم الدعم لسوريا في هذه "المرحلة المحورية".
ودعا البلدان في بيان مشترك صادر في ختام زيارة رئيس وزراء البريطاني كير ستارمر للسعودية، المجتمع الدولي إلى الوقوف بجانب الشعب السوري والتعاون معه.
كما دعا البلدان إلى تقديم الدعم لسوريا في هذه المرحلة المحورية لمساعدتها على تجاوز معاناة الشعب السوري المستمرة منذ سنوات طويلة، والتي أودت بحياة مئات الآلاف من الأبرياء وتسببت في نزوح الملايين.
وأشار البيان، إلى أن الوقت حان ليحظى الشعب السوري بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار، مؤكداً على ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، وأهمية الالتزام بالمعايير الدولية وميثاق الأمم المتحدة.
"ضرورة إنهاء الصراع في غزة"
وبشأن تطورات الأوضاع في قطاع غزة، أكد البيان المشترك على ضرورة إنهاء الصراع في غزة، وإطلاق سراح المحتجزين على الفور، وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي.
وأكد الجانبان على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها بما في ذلك منظمات الأمم المتحدة، وخاصة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وبحثا كيفية العمل بين البلدين لتنفيذ حل الدولتين بما يحقق إحلال سلام دائم يتيح للفلسطينيين والإسرائيليين العيش جنباً إلى جنب داخل حدودهم الآمنة، والمعترف بها.
وأعرب الجانب البريطاني عن تطلعه إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي لتنفيذ حل الدولتين، والذي سترأسه المملكة العربية السعودية وفرنسا بشكل مشترك في يونيو 2025.
وفي الشأن اللبناني، أكد الجانبان أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان والتوصل إلى تسوية سياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. واتفقا على ضرورة تجاوز لبنان لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.
وأكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن، وشددا على أهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل إلى حلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية. كما اتفقا على أهمية ضمان أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.
وفي الشأن السوداني، أكد الجانبان أهمية البناء على "إعلان جدة" بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان من خلال مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، والمحافظة على وحدة السودان، وسيادته، ومؤسساته الوطنية.
ورحب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، وأكدا أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.
التعاون الدفاعي
وأشاد الجانبان بمستوى التعاون الثنائي في مجال الدفاع والأمن على مر العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية إستراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها إلى شراكة حديثة تركز على التعاون الصناعي وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.
واتفقا على توسيع التعاون في المجالات الرئيسة، بما في ذلك النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة.
واتفق الجانبان على تعزيز التعاون الأمني حيال الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز الأمن السيبراني.
تعزيز الشراكة الاقتصادية
وأكد البلدان على أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، والتزامهما بزيادة حجم التجارة البينية إلى 37,5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في المملكتين، من خلال رؤية المملكة 2030، واستراتيجية بريطانيا الصناعية، في صناعات الغد، التي من شأنها دفع القدرة التنافسية العالمية المستقبلية، وتوفير فرص العمل والازدهار للشعبين، بما يحقق النمو المستدام.
وأكدا خلالها كذلك على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي البريطاني في تعزيز التعاون بين البلدين، وأعربا عن تطلعهما إلى عقد الدورة القادمة لاجتماع المجلس في بريطانيا.
واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها، واتفقا على برنامج طموح للتعاون لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.
ورحّب الجانبان بالتقدم الكبير بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا.
وأشاد الجانبان بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في بريطانيا في عام 2024، بما فيها استثمارات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ومنها "سيلفريدجز" ومطار هيثرو، والاستثمار الإضافي في نادي "نيوكاسل يونايتد" الإنجليزي، مما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرق إنجلترا والسعودية.
كما تعد بريطانيا من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، ونوها في هذا الصدد، بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن "خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار، وذلك في ضوء نجاح التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية، بقيمة حوالي 700 مليون دولار للاستثمار في مشروع القدية"، بحسب البيان.
وأكدت الرياض ولندن، على أهمية تعزيز التعاون في مجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، بما في ذلك التركيز على تطوير السياسات واللوائح والمعايير الخاصة بالهيدروجين النظيف، ونماذج الأعمال الخاصة بالهيدروجين النظيف، وبناء القدرات البشرية كعامل تمكين رئيسي للتعاون متعدد الأطراف الناجح في قطاع الهيدروجين النظيف.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة مرونة سلاسل التوريد العالمية لتأمين الإمدادات لمختلف سلاسل التوريد العالمية، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.
ورحب الجانبان بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية الفرصة للاستفادة من المزايا والحوافز التي توفرها المناطق على جميع مستويات سلاسل التوريد وعبر مختلف القطاعات.
وأكد الجانبان التزامهما بتعزيز التعاون المشترك في مجالات التكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام، وتطوير الشراكات التجارية بين البلدين.
وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين الجامعات السعودية والبريطانية بقيادة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة نيوكاسل.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، بما في ذلك الخدمات المصرفية، والتكنولوجيا المالية، وإدارة الأصول، والتمويل الأخضر، والتأمين.
واتفق الجانبان على أهمية مواصلة تعزيز التعاون في مجالات المعادن الحرجة والتعدين لدعم سلاسل إمداد مسؤولة ومتنوعة ومرنة، بما في ذلك الشراكة بين مدرسة "كامبورن للتعدين" بجامعة إكستر، ومركز تسريع الابتكار في المعادن في السعودية، واتفقا على تعزيز التعاون في مجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. كما أكد الجانب البريطاني دعمه وعزمه للمشاركة على مستوى رفيع في منتدى مستقبل المعادن السعودي المقرر عقده في شهر يناير 2025.
وأكد الجانبان على مركزية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوها بنتائج مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP29)، وأهمية العمل من أجل تحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) في عام 2025.
ورحب الجانب البريطاني بطموحات المملكة وقيادتها من خلال مبادرتي "السعودية الخضراء" و "الشرق الأوسط الأخضر"، ورئاستها للدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، كما أعرب عن دعمه لجهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته المملكة وأقره قادة مجموعة العشرين.
وأكد الجانب البريطاني عن دعمه القوي لرؤية المملكة 2030، والتزامه بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين، ورحب الجانبان بتزايد عدد الزوار بين المملكتين، وعبرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بين البلدين، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.
واتفق الجانبان على أهمية تعزيز التعاون الثقافي في مختلف القطاعات الثقافية في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين المملكتين، بما في ذلك المبادرات التعاونية بين المؤسسات والمنظمات الثقافية في البلدين، وتكثيف المشاركة في الفعاليات الثقافية والفنية الدولية التي تقام في البلدين، وتبادل الخبرات في مجال البنية التحتية للتراث والمتاحف، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا.
ورحب الجانبان بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني، تزامناً مع احتفال المجلس بمرور 90 عام على تأسيسه.
وأشاد الجانبان بنتائج التعاون الاستراتيجي بين البلدين في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب.
زيادة أعداد المدارس
ورحبت السعودية وبريطانيا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في المملكة العربية السعودية لتصل إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع خارجية للجامعات البريطانية في المملكة لدعم رؤية السعودية لإنشاء اقتصاد قائم على المعرفة ومدفوعاً بالتميز في التعليم.
وعبر الجانبان عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتعليم والتدريب التقني والمهني.
وأكدا أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، بما في ذلك من خلال المبادرات المشتركة لدعم تدريب الممرضين، وبما يحقق المنفعة المتبادلة.
ونوها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين بشأن إنشاء كلية لتدريب الممرضين في المملكة. وأكدا التزامهما بتعزيز التعاون لمواجهة تحديات الصحة العالمية.
واتفق الجانبان على أهمية الاستفادة من الفرص المتاحة في البلدين لزيادة التعاون في مجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.
واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية في مجال الرياضة. كما أشادا بالشراكة المتنامية في مجال الرياضات الإلكترونية.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشددا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة العشرين، لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية.
وأكدا التزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 وعقد حوار استراتيجي سعودي-بريطاني بشكل سنوي بشأن المساعدات الإنسانية والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع بقيمة 100 مليون دولار، بالتركيز على المساعدات الإنسانية العاجلة، ودعم التنمية.