يواجه المرشحون الجمهوريون لمجلس الشيوخ صعوبة في مواكبة شعبية الرئيس السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترمب، إذ يسعون للحصول على تأييده، ويعانقونه بقوة خلال حملاتهم الانتخابية، ويتبنون مبادراته السياسية، لكنهم لم يكرروا أداءه في استطلاعات الرأي مع اقتراب موعد الانتخابات، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست". 

ويسعى معظم مرشحو المجلس الجمهوريون لإزاحة الأعضاء الديمقراطيين الحاليين المعروفين جيداً في ولاياتهم، ما يجعل طريقهم إلى الفوز أصعب، خصوصاً في سنة انتخابية رئاسية مزدحمة، إذ يتعين على الجمهوريين تقديم أنفسهم للناخبين وطرح قضيتهم ضد السيناتور الحالي المعروف. 

ويتفق الاستراتيجيون الجمهوريون والديمقراطيون على أن سباقات مجلس الشيوخ ستشتد مع بدء الناخبين الجمهوريين والمستقلين الذين يميلون إلى الحزب الجمهوري في دعم مرشح مجلس الشيوخ الجمهوري بكل ولاية، لكن استطلاعات الرأي تُظهر أن المرشحين الديمقراطيين يجذبون عدداً أكبر من الناخبين المتأرجحين مقارنة بنظرائهم الجمهوريين، ويتفوقون أيضاً بين المستقلين. 

ولم يتمكن العديد من هؤلاء المرشحين الذين يتنافسون على مقاعد مجلس الشيوخ من تكرار أداء الرئيس السابق في استطلاعات الرأي مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر، ما أثار مخاوف بين حملات الجمهوريين وجامعي التبرعات الذين يخشون من أن مرشحيهم قد نفد الوقت أمامهم لكسب الناخبين.

ووفقاً لـ"واشنطن بوست"، فإن خريطة مجلس الشيوخ لهذا العام لا تزال تميل بشكل كبير لصالح الجمهوريين، إذ تتركز جميع السباقات الأكثر تنافسية على المقاعد التي يشغلها الديمقراطيون، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الجمهوريين في طريقهم لقلب مجلس الشيوخ لصالحهم.  

ولكن يبدو أن الجمهوريين في 7 من أصل 8 سباقات رئيسية لمجلس الشيوخ يتخلفون عن ترمب، إذ يعتبر تيم شيهي، المرشح الجمهوري في ولاية مونتانا، الوحيد الذي يتقدم باستمرار على منافسه الديمقراطي جون تيستر، ما يجعل السيطرة على مجلس الشيوخ أكثر غموضاً مما كان متوقعاً. 

وفي مجلس النواب، حيث يمتلك الجمهوريون أغلبية ضئيلة بفارق 4 مقاعد، ستكون السيطرة على المجلس محل تنافس شديد، ويبدو أن ظاهرة تأخر مرشحي الحزب الجمهوري خلف ترمب أقل وضوحاً وأقل احتمالاً للتأثير على النتيجة.  

ويبدو أن عدداً أقل من الناخبين على استعداد لتقسيم أصواتهم بين مرشحين من أحزاب مختلفة، كما أن عدد الجمهوريين الذين يمثلون دوائر فاز بها الرئيس جو بايدن في الانتخابات الرئاسية 2020، أكبر من عدد الديمقراطيين الذين يمثلون دوائر فاز بها ترمب. 

تأخر جمهوري

ويدافع الجمهوريون في مجلس النواب عن 16 مقعداً بدوائر فاز بها بايدن عام 2020، بينما يدافع الديمقراطيون عن 5 مقاعد فقط فاز بها ترمب. 

وفي ولاية أوهايو ذات الأغلبية الجمهورية، حيث يتقدم ترمب بفارق 9 نقاط مئوية على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، يتأخر الجمهوري بيرني مورينو بفارق 4 نقاط مئوية خلف السيناتور الديمقراطي شيرود براون في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة AARP.  

وفي استطلاع أجرته شبكة "فوكس نيوز"، يتأخر الجمهوري سام براون في ولاية نيفادا بفارق 14 نقطة مئوية عن عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية جاكي روزن، رغم أن ترمب كان قريباً من هاريس بفارق نقطتين مئويتين.

وتتراوح نظريات الاستراتيجيين السياسيين بشأن سبب ضعف أداء المرشحين الجمهوريين مقارنة بترمب بين العيوب المالية للمرشحين، والتفوق في التعرف على اسم ترمب بين الناخبين الجمهوريين، إلى عيوب شخصية في المرشحين أنفسهم، من وجهة نظر الديمقراطيين. 

ويبدو أن الديمقراطيين في خطر كبير بفقدان أغلبيتهم البسيطة في مجلس الشيوخ التي تبلغ 51-49، نظراً لأن السيناتور الديمقراطي جو مانشين سيتقاعد، ومن شبه المؤكد أن مقعده سينتقل إلى الجمهوريين.

لكن الديمقراطيين المرشحين لمجلس الشيوخ والمجموعات الداعمة لهم ينفقون أكثر من الجمهوريين بمبلغ يتجاوز 200 مليون دولار، بما في ذلك الإنفاق السابق والحجوزات المستقبلية، في ولايات مونتانا وميشيجان وويسكونسن وأريزونا وماريلاند ونيفادا، وهي 6 من السباقات الثمانية الرئيسية لمجلس الشيوخ.  

ويتمتع الجمهوريون بميزة الإنفاق فقط في ولايتي بنسلفانيا وأوهايو، حيث يتفوقون على الديمقراطيين بفارق 41 مليون دولار، وفقاً لبيانات من شركة تعقب الإعلانات AdImpact. 

واشتكى ترمب من الأداء القوي لأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الحاليين، قائلاً في تجمع حاشد بولاية ويسكونسن في وقت سابق من هذا الشهر: "هؤلاء الأشخاص في واشنطن منذ فترة طويلة، والكثير منهم ليسوا جيدين، لكن يصعب التغلب عليهم"، في إشارة إلى الديمقراطية تامي بالدوين التي تتقدم على المنافس الجمهوري إريك هوفدي في استطلاعات الرأي.

لكن حتى في الولايات التي تشهد مقاعد مفتوحة، مثل أريزونا وميشيجان، حيث لا يتمتع المرشحون الديمقراطيون بشهرة أكبر، تظهر استطلاعات الرأي أن المرشحين الجمهوريين يتأخرون عنهم، وأن أدائهم أقل من ترمب.  

وتتأخر كارى ليك، وهي مذيعة أخبار تلفزيونية سابقة، باستمرار عن ترمب والنائب الديمقراطي روبين جاليجو، رغم أنها تتمتع بشهرة كبيرة. 

وفي ميشيجان، يتأخر النائب الجمهوري السابق مايك روجرز بشكل عام عن ترمب والنائبة الديمقراطية إليسا سلوتكين. 

وقال جلين بولجر، خبير استطلاعات الرأي الجمهوري، إن "مرشحي مجلس الشيوخ الجمهوريين بحاجة إلى كسب المستقلين والناخبين غير الحاسمين قبل نوفمبر، لأنهم في العديد من الحالات ليسوا معروفين بقدر خصومهم الديمقراطيين، الذين كانوا يديرون إعلانات منذ أشهر".  

وذكر براين هيوز، المستشار البارز لحملة ترمب، في بيان: "الرئيس ترمب وحّد الحزب الجمهوري كما لم يحدث من قبل، ووسع أيضاً التحالف مع المستقلين والديمقراطيين، متجاوزاً الخطوط الحزبية. حركة الرئيس ترمب وقاعدته الواسعة من الدعم ستساعد دون شك المرشحين في كل السباقات". 

تفوق ديمقراطي 

بدوره، اعتبر المدير التنفيذي للجنة الوطنية الجمهورية لمجلس الشيوخ جيسون ثيلمان، في بيان، أن مرشحي حزبه على المسار الصحيح لقلب المعادلة في المجلس، مقراً في الوقت ذاته بأن "التفوق النقدي الهائل للديمقراطيين في مجلس الشيوخ يمثل مشكلة حقيقية".  

وأضاف ثيلمان أن أكبر ما يمنع الجمهوريين في مجلس الشيوخ من تحقيق "ليلة رائعة في نوفمبر" هو الأزمة المالية التي يواجهونها حالياً.

وكان رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية لمجلس الشيوخ، ستيف داينز، حض زملاءه خلال تجمع مغلق، على تحويل أموال الحملة لدعم المرشحين الجمهوريين الذين يواجهون صعوبات.  

وأعرب داينز قبل الاجتماع عن قلقه بشأن الفجوة المالية، مشيراً إلى أن المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة كامالا هاريس حولت مؤخراً ملايين الدولارات إلى الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، وهو ما لم يقابله ترمب بأي خطوة مماثلة. 

وخلال التجمع الذي عُقد الثلاثاء، أبلغت قيادة اللجنة الوطنية الجمهورية لمجلس الشيوخ أعضاء المجلس الجمهوريين بأنهم قد يخسرون سباقات قابلة للفوز بسبب نقص التمويل، إذ يواجه مرشحوهم سيلاً من الإعلانات السلبية.

وأبلغ السيناتور الجمهوري جون كورنين "واشنطن بوست"، بأن العديد من المرشحين الجمهوريين خسروا في استطلاعات الرأي خلال الصيف، لأن الديمقراطيين أنفقوا عشرات الملايين من الدولارات لمهاجمتهم.

وفي وقت سابق هذا الشهر، أعلنت هاريس، تحويل 25 مليون دولار إلى اللجان التي تدير حملات مرشحي الديمقراطيين لمجلسي النواب والشيوخ، بالإضافة إلى مجموعات أخرى. 

وأكدت رئيسة حملة هاريس، جين أومالي ديلون أن "كل سباق انتخابي مهم"، مشيرة إلى الحاجة لأغلبية ديمقراطية في الكونجرس لتنفيذ أجندة هاريس. 

ومع ذلك، يلقي الديمقراطيون باللوم على المرشحين أنفسهم، الذين يتم مهاجمتهم في سلسلة من الإعلانات؛ بسبب علاقاتهم التجارية السابقة مع الصين وتصريحاتهم السابقة التي تعارض حقوق الإجهاض وقضايا أخرى. 

وقال ديفيد بيرجستين، مدير الاتصالات بلجنة الحملة الانتخابية لمجلس الشيوخ الديمقراطي، في بيان: "لدى الجمهوريين في مجلس الشيوخ قائمة من المجندين الذين يعانون من عيوب كبيرة تنفر الناخبين من كل التوجهات السياسية، بما في ذلك العديد من الجمهوريين". 

من جانبه، قال جي بي بورش، رئيس لجنة العمل السياسي الديمقراطية Senate Majority PAC، التي تنفق ملايين الدولارات في هذه السباقات: "العديد من مرشحيينا (الجمهوريين) يروجون لأنفسهم كنسخ مُعدلة من ترمب. ولا أحد منهم ينأى بنفسه عن ترمب. هذا لا يلقى دائماً استحساناً".

ويخالف الحاكم الجمهوري السابق لاري هوجان هذا التوجه في ولاية ماريلاند ذات الأغلبية الديمقراطية الكبيرة، إذ يتفوق على ترمب بفارق رقمين من خلال تأكيده على مؤهلاته المعتدلة.  

ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته AARP مؤخراً، يخوض هوجان سباقاً متقارباً مع الديمقراطية أنجيلا ألسوبروكس في سباق مجلس الشيوخ.