حذَّر ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في السودان شيلدون بيت، الخميس، من تفاقم حالة سوء التغذية وانتشار الأمراض في البلد الذي يشهد حرباً طاحنة منذ أبريل 2023.

وأفرزت الحرب أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، إذ اضطر نحو 5 ملايين طفل إلى النزوح منذ بدء القتال قبل 18 شهراً.

وقال بيت، في مقابلة مع "الشرق"، إن السودان شهد أعلى عدد من الانتهاكات الجسيمة التي تم التحقق منها ضد الأطفال منذ أكثر من عقد من الزمان، بزيادة خمسة أضعاف عند مقارنة بيانات عامي 2022 و2023.

وكشف أن التقديرات تشير إلى أن 72% من الانتهاكات تتمثل في قتل وتشويه الأطفال، يليها تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة والعنف الجنسي، مشيراً إلى أن هذه الانتهاكات تستمر "بشكل مروع" هذا العام.

ودعا المسؤول الأممي إلى وقف أعمال العنف ضد الأطفال، والهجمات على البنية التحتية المدنية على الفور. مشدداً على ضرورة احترام جميع الأطراف لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان لحماية المدنيين، بما في ذلك الأطفال.

أزمة إنسانية شاملة

وذكر بيت لـ"الشرق" أنه إلى جانب العنف، فإن "ملايين الأطفال، والعديد منهم نازحون، لا يحصلون على المأوى الملائم، والصرف الصحي، والرعاية الصحية، وغيرها من الخدمات الأساسية، مما يجعلهم أكثر عرضة لخطر سوء التغذية وتفشي الأمراض الفتاكة".

وأوضح أن "المجاعة بدأت بالفعل في أجزاء من السودان، وتشير التقديرات إلى أن 500 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر الإصابة بالكوليرا هذا العام".

وتجد وكالات الإغاثة صعوبة في معالجة الأزمة الإنسانية في السودان؛ بسبب نقص المساعدات الخارجية والعراقيل أمام توصيل المساعدات؛ بسبب ضراوة القتال، واستهداف موظفي الإغاثة، وإمدادات المساعدات. وتحذر هذه الوكالات من أن العواقب قد تكون كارثية على أطفال السودان.

وأضاف ممثل يونيسيف: "نسابق الزمن، ويجب علينا اتخاذ إجراءات جماعية حاسمة لمعالجة تدهور حالة سوء التغذية، ومعالجة تفشي المرض، والاستثمار في الأنظمة التي تدعم الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها الأطفال والأسر المعرضة للخطر في السودان بشدة".

وتتهم جماعات لحقوق الإنسان، ومنها بعثة مفوضة من الأمم المتحدة، طرفي الصراع بارتكاب "انتهاكات واسعة النطاق، منها الاغتصاب والتعذيب والاعتقال التعسفي".

"أزمة حماية"

واعتبر ممثل "اليونيسيف" في السودان أن الأزمة في جوهرها أزمة حماية، وقال: "الوضع مأساوي بشكل خاص بالنسبة للأطفال والأسر المحاصرة في المناطق المتضررة من النزاع المباشر، وانعدام الأمن، ونقص الحماية".

وتابع: "العنف في الفاشر، وفي دارفور، مروِّع. يواجه الآلاف من الأطفال هناك اشتباكات يومية، وقصفاً عشوائياً، بينما تظل أجزاء من المدينة تحت الحصار".

ووفقاً لتقارير، لقي أكثر من 150 طفلاً مصرعه في الفاشر منذ تصاعد القتال في أبريل 2024.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى سقوط نحو 15 ألف شخص في منطقة دارفور وحدها. ونزح أكثر من ثمانية ملايين سوداني داخل البلاد، وأصبح أكثر من مليونين لاجئين في بلدان مجاورة، منها تشاد، ومصر، وجنوب السودان.

ويواجه نحو 25 مليون شخص في السودان، أي أكثر من نصف السكان، الجوع الحاد، مع تعرض الأطفال لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد الشديد، وهو أكثر أشكال سوء التغذية تهديداً للحياة.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 730 ألف طفل سوداني قد يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد، هذا العام.