بقلم بشار الجرعتلي
محلل أسواق في CNBC عربية
لطالما وُصفت الأسس التي يقوم عليها التحالف الأميركي - الإسرائيلي بأنها القيم المشتركة بين البلدين وشعبية إسرائيل في السياسة الأميركية من خلال اللوبي القوي الذي يَتبع لها في بلاد العم سام.
وعلى الرغم من أهمية هذه العوامل، إلا أن المنافع الاقتصادية التي تجنيها الولايات المتحدة من إسرائيل لا تقل أهمية أبداً عن الأسباب السابقة .. فالعلاقة بين البلدين مبنية على مصالح استراتيجية ملموسة.. ويبدو أنها ستبقى كذلك في المستقبل المنظور.
إسرائيل تمثل نحو 20% من الصادرات الأميركية إلى المنطقة
وعلى الرغم من أن إسرائيل تمثل %2.5 فقط من إجمالي سكان الشرق الأوسط إلا أنها تستهلك نحو 20% من الصادرات الأميركية إلى المنطقة.
وبحسب البيانات الحكومية الأميركية، فقد بلغت الصادرات إلى إسرائيل نحو 20 مليار دولار في عام 2022، في حين بلغ إجمالي الصادرات إلى الشرق الأوسط نحو 103 مليارات دولار.
كما بلغ العجز التجاري الأمريكي في السلع والخدمات مع إسرائيل 10.7 مليار دولار في عام 2022.
بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكي في إسرائيل 42.5 مليار دولار في عام 2022، بينما بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الإسرائيلي في الولايات المتحدة 10.6 مليار دولار في العام ذاته.
إسرائيل تتمتع بحضور اقتصادي وتكنولوجي قوي على الساحة الأميركية
بحسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.. فقد ساعدت إسرائيل الولايات المتحدة على المنافسة اقتصادياً بشكل أفضل، كما ساهمت بمعالجة قضايا الاستدامة المتعلقة بالأمن المائي والغذائي، والطاقة المتجددة، والصحة العامة.
وتُقدم إسرائيل أيضاً مساهمات مهمة لأميركا في مجالات تبادل المعلومات الاستخبارية والإنتاج الصناعي الدفاعي.
إسرائيل في المركز الأول عالمياً باستثمارات البحث والتطوير
تحتل إسرائيل المرتبة الأولى في العالم في مقياسين علميين رئيسيين - استثمار البحث والتطوير كنسبة مئوية من "الناتج المحلي الإجمالي"، وعدد المهندسين/العلماء لكل فرد - بالإضافة إلى المرتبة الخامسة في براءات الاختراع للفرد والسابع في الابتكار.
كما أنها تحتل المرتبة الأولى في نصيب الفرد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والثالثة في إجمالي الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد الولايات المتحدة والصين فقط.
وبناءً على ذلك، ستكون الشراكات الثنائية بين البلدين بشأن الذكاء الاصطناعي ضرورية للاستفادة من هذه التكنولوجيا التحويلية.
وبحسب آخر بيانات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، بلغت نسبة الإنفاق على البحوث والتطوير في إسرائيل 5.7% و5.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2020 و2021 على التوالي لتتفوق على جميع بلدان المنظمة بما فيها أميركا وألمانيا والمملكة المتحدة.
بيل غيتس: الابتكار الجاري في إسرائيل أمر بالغ الأهمية لمستقبل أعمال التكنولوجيا
أنشأت أكثر من 300 شركة تكنولوجيا أميركية مراكز للبحث والتطوير في إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تقوم الشركات الإسرائيلية التي تسعى إلى الانتشار عالمياً بتوقيع شراكة مع نظيراتها في الولايات المتحدة، مما يسفر عن عمليات تبادل تكنولوجي وخلق عشرات الآلاف من الوظائف في أميركا.
ولهذا السبب لاحظ بيل غيتس في عام 2006 أن "الابتكار الجاري في إسرائيل أمر بالغ الأهمية لمستقبل أعمال التكنولوجيا".
وإسرائيل هي موطن لأكبر مركز تطوير لشركة Intel في العالم ومساهمتها في تطوير التكنولوجيا العالمية للشركة كبيرة. على سبيل المثال، تم تطوير معالجات Intel® Core™ من الجيل السابع والثامن بشكل رئيسي في إسرائيل.
بناء أقوى كمبيوتر عملاق للذكاء الاصطناعي في إسرائيل
كشفت شركة Nvidia في شهر مايو أيار من عام 2023 إنها تقوم ببناء أقوى كمبيوتر عملاق للذكاء الاصطناعي في إسرائيل لتلبية طلب العملاء المتزايد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وقال جلعاد شاينر، نائب الرئيس الأول في Nvidia، أن الشركة عملت مع 800 شركة ناشئة في إسرائيل وعشرات الآلاف من مهندسي البرمجيات لتطوير هذا الكمبيوتر العملاق.
ما هو سر التحالف القوي بين أميركا وإسرائيل ؟
في عام 2022، قال الأكاديمي الأميركي والتر راسل ميد " أن النظرية القائلة بأن عصابة سرية تسيطر على السياسة الخارجية الأميركية تجاه إسرائيل هي نظرية سخيفة بشكل لا يصدق".
وأوضح "ميد" ، وهو أستاذ السياسة الخارجية في جامعة Yale ، " إسرائيل لم تتطور بقوة بسبب تحالفها مع أميركا، لقد حصلت على تحالف أميركي لأنها أصبحت قوية. وهذا شيء مهم حقًا يجب فهمه حول هذا التاريخ والذي لا يفهمه معظم الناس" .
ولا شك فيه، أن جزءًا مهمًا من القوة التي يتحدث عنها "ميد" هي القوة الاقتصادية والعلمية التي ذكرنا بعضها في هذا التقرير.
وعلى الرغم من التغيرات الكبيرة التي شهدها العالم في علاقات الدول خلال العقود الماضية، إلا أن المنطق الاستراتيجي لأي تحالف لم يتغير.. وهو المصالح الاقتصادية المُتبادلة.