يمزح الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون قائلا إنه شعر بالضياع عندما عاد إلى حياته الخاصة لأول مرة في عام 2001، بعد فترتي رئاسته، لأن الناس لم يعدوا يعزفون موسيقى "تحية للرئيس" عندما يدخل إلى أي غرفة.

لكن ما اكتشفه – والذي كتبه في كتابه الجديد "مواطن: حياتي بعد البيت الأبيض"، الذي نشرته دار كنوبف الثلاثاء – هو أن العمل الخيري سمح له بمواصلة إحداث تغييرات في العالم لمساعدة الآخرين.

وقال كلينتون لوكالة أسوشيتد برس في مقابلة عبر الهاتف: "لقد قضيت وقتا ممتعا في القيام بذلك. أنا ممتن أيضا لأن الكثير من الناس – إذا ذهبت وقدمت لهم رأيا عقلانيا من أجل القيام بشيء ما – سوف يوافقون على ذلك حتى لو لم يكن هذا يبدو في مصلحتهم المالية المباشرة".

وأشار كلينتون إلى أن هذه الطريقة فتحت سوقا لمصنعي أدوية فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وهو ما أدى إلى خفض أسعار الأدوية بالقدر الكافي لجعلها متاحة لمختلف دول العالم.

وتساعد الأسعار المنخفضة، التي يتم التفاوض عليها ال ن مع شركات تصنيع الأدوية من خلال ما أصبح يعرف بـ"مبادرة كلينتون للوصول إلى الصحة"، في توفير أدوية فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز لنحو مليون طفل في مختلف أنحاء العالم، وأنقذت حياة عشرات الملايين من البشر.

وهذه هي إحدى النجاحات العديدة التي حققتها مؤسسة كلينتون- والتي تشمل مبادرة كلينتون العالمية التي تجمع القادة في مجالات السياسة والأعمال والجمعيات الخيرية في نيويورك كل عام خلال أسبوع الجمعية العامة للأمم المتحدة– في العقدين الماضيين والتي كتب عنها كلينتون في كتابه "مواطن".

كما يروي تجاربه من الحملتين الرئاسيتين لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في عامي 2008 و2016، ودوره في تأمين إطلاق سراح صحفيين اثنين من كوريا الشمالية في عام 2009، ورد فعله على هجوم 6 يناير عام 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي.

كما يتناول الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون في كتابه بعض الخلافات التي واجهها هو ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في العقدين الماضيين، بما في ذلك لقاءاته مع المعتدي الجنسي جيفري ابستين، حيث قال إنهما ناقشا المؤسسة (وكتب: "أتمنى لو لم أقابله على الإطلاق") واتهامه بعدم الاعتذار مطلقا لمونيكا لوينسكي، وهو ما فعله في عام 1999، ولكن ليس بشكل شخصي.

ويركز الجزء الأكبر من كتاب "مواطن" على عمل كلينتون الخيري، والأشخاص الذين التقى بهم خلال عمله هذا، وكيف شعر بأنه مفيد وناجح خلال نحو 24 عاما منذ أن ترك حياته السياسية التي استمرت 25 عاما.

وردا على سؤال عن أي فترة من حياته كان يشعر أنها الأكثر فعالية، قال كلينتون (78 عاما): "سأترك هذا للمؤرخين لتقييمه"، مضيفا أن الأمر يشبه المقارنة بين أمرين مختلفين تماما.

وقال كلينتون: "لقد أردت أن أحقق هدفا في حياتي العملية من خلال تحديد ما إذا كان الناس في وضع أفضل عندما تركت العمل مما كانوا عليه عندما بدأت وما إذا كان للأطفال مستقبل أكثر إشراقا وما إذا كنا نجمع الأشياء معا بدلا من تمزيقها (نجمع ولا نفرق)... حتى الآن، أعتقد أنني أقوم بعمل جيد".

وأضاف كلينتون لوكالة أسوشييتد برس أن قائمة الأمور التي يرغب في القيام بها لا تزال طويلة، ومن بينها، تنفيذ مبادرات مناخية فعالة على نطاق أوسع ومساعدة الأطفال على التمتع بصحة أفضل.

وفيما يلي أسئلة المقابلة ورد الرئيس الأسبق كلينتون عليها:

س: كيف قمت بتطوير مقياسك للنجاح؟

ج: بمجرد أن بدأت التفكير في خوض الحياة السياسية، أدركت أنني لا أريد أن يتم قياس نجاحي من خلال (الألقاب الوظيفية) ولكن من خلال "ما الذي قمت بتحقيقه؟". وتعلمت فيما بعد قياس عملنا الخيري والسياسي من خلال إجابة دقيقة وصادقة على السؤال "ما هي الخيارات التي كانت متاحة في ذلك الوقت؟" لا يستطيع أي شخص أن يكون فرانكلين روزفلت في فترة الكساد. ولا يستطيع أي شخص أن يكون أبراهام لينكولن عند انتخابه عشية معركة "فورت سمتر". لكن كل شخص لديه وقت وأشخاص يعيشون في ذلك الوقت لخدمة كل الأشخاص الذين لديهم قصصهم و مالهم وأحلامهم ومخاوفهم. وهناك دائما قوى لديها أفكار مختلفة، وتسجل النتائج بطرق مختلفة. يتعين عليك أن تفكر في كل هذا وألا تصبح منشغلا للغاية بما تفعله في ذلك الوقت، وإنما تفكر فيما إذ كنت تفعل ما تعتقد أنه ينبغي عليك فعله.

س: بالإضافة إلى مليارات الدولارات من الالتزامات التي ساعدت مبادرة كلينتون العالمية على تنظيمها على مر الأعوام، فقد ساعدت في جمع 130 مليون دولار لصندوق "بوش-كلينتون كاترينا"، وملايين إضافية لصندوق "بوش-كلينتون هيوستن تسونامي" ونداء "وان أميركا" (أميركا واحدة) من أجل ضحايا الإعصار في عام 2017. ماذا يعني لك أن تتمكن من جمع هذا القدر الكبير من التمويل؟

ج: إنه يعني الكثير بالنسبة لي وأحاول أن أحترم هذا بأن أكون شفافا بنسبة 100 بالمئة. على سبيل المثال، كنت أعلم أنه في مرحلة ما من الجهود التي بذلناها في هايتي على مر السنين، أنه سيتم انتقادي، وربما حتى سيتم التظاهر ضدي... لذلك فقد احتفظنا بسجلات دقيقة وجعلناها مفتوحة. عندما يثق بك الناس فيما يتعلق بالمال، لا يمكنك ضمان النجاح، ولكن يمكنك ضمان نزاهة العملية والطاقة الكامنة وراء ذلك الجهد. وأنا أعلم أنه في العالم الذي نعيش فيه، لا يمكنك دائما أن تحظى بالحماية من الحملات الكاذبة لأن كل شيء يتعلق بالسياسة بالنسبة لبعض الناس هذه الأيام. ولكن لا يمكنك أن تستسلم.

س: لقد ذكرت هايتي، والتي ناقشتها بصراحة في الكتاب، وعرضت ما نجح وما لم ينجح. هل يمكنك التحدث عن سبب أهمية هايتي بالنسبة لك، خاصة عندما يشعر الكثيرون أن الحكومة هناك غير قادرة على المساعدة؟

ج: لن أنصح أبدا أي شخص بالذهاب إلى منطقة يمكن أن يتعرض فيها لإطلاق النار ثم لا تتاح له الفرصة لفعل أي شيء. ولكن يوجد أشخاص في هايتي ما زالوا يديرون أعمالهم ويقومون بعمل إنساني مهم. إذا كان بإمكانك اكتشاف طريقة لتزويدهم بالموارد ومساعدتهم، فيجب عليك القيام بذلك لأنه من السهل نسيان الوضع هناك. لقد تحطمت هايتي كثيرا. وقد كان الزلزال الذي تعرضت له مروعا. وقد بدأنا في العودة ببطء عندما كان الرئيس (جوفينيل) مويس في منصبه. وعندما قتل وبدأت العصابات في التحرك لملء الفراغ هناك، لم أعرف ما إذا كنا سنعيدها إلى وضعها كدولة مجددا. وما زلت غير متأكد مما سيحدث.

س: هل انتخاب دونالد ترامب يجعل عمل مبادرة كلينتون العالمية أكثر أهمية؟ أكثر صعوبة؟

ج: لا أعرف. قد يزيد الطلب على عمل المبادرة إذا بدأنا (الإدارة الأميركية) في خفض المساعدات الخارجية. ولكن أعتقد أن علينا فقط أن ننتظر ونرى ما سيحدث. لم تكن هناك نزعة حزبية في مبادرة كلينتون العالمية. لقد كان لدي دائما عدد كبير من المؤيدين الجمهوريين، ومن بينهم، زوجان كانا يؤيدان الرئيس ترامب بشكل علني. و مل أن يعني هذا أنهم لن يتدخلوا في العمل الجيد الذي ينقذ الأرواح. لا أعرف ماذا سيحدث، لكني سأستمر في العمل. سأستمر في القيام بما يمكنني القيام به طالما أستطيع القيام بذلك. وسننتظر ونرى ما سيحدث.