تراجعت فرنسا عن معارضتها لمقترح يتضمن تقديم الاتحاد الأوروبي حوافز مالية لشركات الصناعات الدفاعية من خارج الكتلة، في خطوة تهدف للتقليل من الاعتماد على الولايات المتحدة، وتطوير الصناعة العسكرية محلياً، بحسب "فايننشيال تايمز" البريطانية.

ونقلت الصحيفة عن 5 مصادر مطلعة على المناقشات الفنية، التي جرت الأسبوع الماضي، قولهم إن الدبلوماسيين الفرنسيين في بروكسل أعربوا عن دعمهم لمقترح (65/35) الذي يسمح بإنفاق قرابة 35% من الحوافز المالية الممولة من ميزانية الاتحاد الأوروبي على المنتجات الدفاعية من خارج دول الاتحاد الأوروبي.

وكانت باريس تعارض فكرة السماح لشركات الدفاع من دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وتركيا بالمشاركة في خطة الاستثمار الدفاعي الأوروبية (EDIP) المقترحة من الاتحاد الأوروبي.

وتشدد فرنسا على ضرورة دعم الشركات الأوروبية المحلية فقط، وفق رؤية باريس التي تدفع باتجاه "الاستقلال الاستراتيجي" الأوروبي.

تفاصيل المقترح

وذكر مسؤولان أن "هذا الموقف تغير خلال الشهر الجاري"، مشيرين إلى أن "من الصعب على الاتحاد الأوروبي الضغط على الرئيس الأميركي القادم دونالد ترمب لعدم خفض الدعم العسكري الأميركي المقدم لأوروبا، مع استبعاد الشركات الأميركية من الجهود الرامية لبناء الصناعات الدفاعية الأوروبية".

ولفت أحد المسؤولين إلى أن "الجميع يفكرون بذكاء منذ الانتخابات الأميركية" التي جرت في 5 نوفمبر وفاز بها ترمب الذي تعهد بفرض المزيد من الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي، وأشار إلى أنه سينهي الحرب على أوكرانيا، ما أثار احتمال التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يصب في مصلحة روسيا.

وكانت دول مثل السويد، التي تربطها علاقات قوية بالشركات الدفاعية في بريطانيا، تعارض موقف فرنسا السابق، إذ تشير إلى أنه سيستبعد المقاولين الدفاعيين الذين لديهم مساهمون بريطانيون أو يعتمدون على مكونات من بريطانيا.

وأشار 3 مسؤولين إلى أن "المقترح (65/35) وضعته المجر التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وساهمت فيه كذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا"، موضحين أن "المفاوضات بشأن المقترح من المقرر أن تجري خلال الأسابيع المقبلة، وقد يتغير قبل تقديمه إلى البرلمان في أوائل العام 2025".

ووفقاً لـ"فايننشيال تايمز"، يتضمن المقترح كذلك بنداً يحظر مشاركة الدول التي يُعتقد أنها "تخالف" أمن الكتلة، ومبدأ "العلاقات الطيبة". وقال مسؤول آخر إن "فرنسا اعتبرت المقترح أساساً جيداً للتسوية".

وتهدف خطة الاستثمار الدفاعي الأوروبية، التي تم اقتراحها لأول مرة في فبراير لكن تنتظر موافقة جميع دول الاتحاد الـ27 والبرلمان الأوروبي حتى تدخل حيز التنفيذ، إلى ضخ أموال في الإنتاج المشترك وشراء الأسلحة الأوروبية.

وتسعى الخطة إلى تحفيز الاستثمار في قطاع صناعة الأسلحة الذي يعاني من نقص التمويل، وتشجيع العواصم الأوروبية على شراء الأسلحة بشكل جماعي لتعزيز آلية العمل المشترك وخفض الأسعار.

وتتضمن أهداف الخطة زيادة "الوفرة والإمداد" لمنتجات الدفاع الرئيسية، و"معالجة العوائق في سلاسل التوريد المهمة" التي تدعم صناعة الأسلحة الأوروبية وإشراك الشركات الأوكرانية.

وتبلغ الميزانية المقترحة للخطة 1.5 مليار يورو، وفقاً لميزانية الاتحاد الأوروبي الحالية والتي تمتد حتى عام 2027، وسط تصاعد المطالب الأوروبية التي تدفع من أجل نموه بشكل كبير في المستقبل.

مخاوف أوروبية

ويخشى قادة الاتحاد الأوروبي أن تؤدي عودة ترمب للبيت الأبيض إلى تعريض الدعم الأميركي لأوكرانيا للخطر، وانسحاب واشنطن من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مما يحرم أوروبا من المظلة الأمنية التي تمتعت بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وخلال فترة ولايته الأولى، اتهم ترمب الدول الأوروبية مراراً وتكراراً بالاستفادة من القوة العسكرية الأميركية، وانتقد قلة الإنفاق على الدفاع، مستهدفاً ألمانيا بالدرجة الأولى واصفاً إياها بأنها "متأخرة" في الإنفاق العسكري.

كما دفع ترمب خلال فترة ولايته الأولى (2017-2021)، أعضاء "الناتو" الأوروبيين إلى إنفاق المزيد على الدفاع، بما يصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي وما فوق، والاعتماد بشكل أقل على الغطاء العسكري الأميركي.

وفي هذا الصدد، تم إحراز بعض التقدم، إذ ارتفع الإنفاق الدفاعي لعام 2024 من قبل دول "الناتو" الأوروبية بنسبة 50% عما كان عليه قبل 10 سنوات، وفق تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.