شركة «ستيف مادين»، المتخصصة في صناعة الأحذية والتي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، أعلنت يوم الخميس أنها ستقلص بسرعة إنتاجها في الصين بنسبة 50% لتجنب الرسوم الجمركية التي سيطبقها ترامب، وقال إدوارد روزنفيلد، الرئيس التنفيذي للشركة، إن هذه الخطط كانت جاهزة منذ فترة طويلة تحسباً لفوز ترامب.
وقال روزنفيلد: «لقد كنا نخطط لسيناريو محتمل يتطلب منا نقل البضائع من الصين بسرعة أكبر، لذلك، بدءاً من صباح الأمس، بدأنا تنفيذ هذا المخطط، ويجب أن تتوقعوا أن تشهدوا انخفاضاً أكبر في نسبة البضائع التي نستوردها من الصين في المستقبل».
مِثل جميع شركات الأحذية، تعتمد الغالبية العظمى من أعمال «ستيف مادين» – حوالي ثلثيها – على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، وأشار الشركة إلى أن 70% من هذه الواردات تأتي من الصين. لذلك، كان من الضروري تعديل عمليات الإنتاج.
وأضاف روزنفيلد أن الشركة عملت لسنوات طويلة على إنشاء شبكة جديدة من المصانع التي ستسمح لها بالاستمرار في العمل دون دفع تلك الرسوم الجمركية الثقيلة التي وعد ترامب بفرضها، والتي قد تصل إلى 60%، وهذا أكبر من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في ولايته الأولى والتي حافظ عليها الرئيس جو بايدن، والتي تراوحت بين 30% و50%.
الهدف من الرسوم الجمركية، من الناحية النظرية، هو تحفيز التصنيع المحلي في الولايات المتحدة عن طريق جعل السلع المستوردة أغلى مقارنة بالسلع المصنوعة في الولايات المتحدة، ولكن المشكلة تكمن في أن «ستيف مادين» لن تنقل إنتاجها إلى الولايات المتحدة، إذ قالت الشركة إنها ستستورد سلعها من كمبوديا وفيتنام والمكسيك والبرازيل وبعض الدول الأخرى.
بالإضافة إلى الرسوم المقترحة على السلع الصينية، كان ترامب قد تعهد بفرض رسوم بنسبة 10% إلى 20% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، لذا، قد تكون «ستيف مادين» هي أول شركة أميركية تنقل إنتاجها من الصين بسبب هذه المقترحات، لكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة، ولا ينبغي للأميركيين أن يتوقعوا أن تعود كل هذه الإنتاجات إلى الولايات المتحدة.
وقال روزنفيلد يوم الخميس إن الشركة ستقلص نسبة البضائع التي تستوردها من الصين لتصبح بين 40% و45% خلال العام المقبل.
وأضاف: «إذا تمكنا من تحقيق ذلك –ونحن نعتقد أن لدينا الخطة المناسبة للقيام بذلك– فإننا بعد عام من اليوم سنجد أن أقل من ربع أعمالنا ستكون خاضعة للرسوم الجمركية على السلع الصينية».
انتقاد رسوم ترامب
صناعة التجزئة طالما انتقدت رسوم ترامب الجمركية، خاصة شركات الملابس والأحذية. حيث وجدت التحليلات الأخيرة من الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة أن سعر زوج من الأحذية الرياضية بقيمة 50 دولاراً قد يرتفع إلى ما بين 59 و64 دولاراً نتيجة لهذه الرسوم، وأن الأميركيين قد يدفعون 24 مليار دولار إضافية سنوياً على الملابس بسبب زيادة التكاليف المتوقعة.
تتوقف شركات الملابس على تكاليف العمل المنخفضة في الصين وكفاءاتها التصنيعية العالية لتوظيف العمال بسرعة لإنتاج منتجات جديدة للسوق الأميركية، حيث تتغير أذواق الموضة بسرعة، وإذا أخطأت شركة أحذية في توقع الاتجاهات، فقد يؤدي ذلك إلى كارثة مالية طويلة الأمد.
وتعني القوانين الأميركية للأجور والعمالة إضافة إلى حقيقة أن الولايات المتحدة ببساطة لا تمتلك عدداً كافياً من الأشخاص الراغبين في العمل في صناعة الإنتاج – أن تصنيع الأحذية في الولايات المتحدة لا يشكل خياراً تجارياً منطقياً لمعظم الشركات الكبرى.
وخلال مكالمة مع المحللين في وول ستريت يوم الخميس، سأل لورا شامبين من شركة «لوب كابيتال ماركتس» روزنفيلد عن التوقعات المالية للألم الذي ستتحمله الشركة بسبب مغادرتها الصين.
وقالت شامبين «من الواضح أنكم كنتم هناك لسبب»، أجاب روزنفيلد بأن من المبكر جداً تحديد الأثر، حيث سيكون للرسوم الجمركية تأثير واسع وغير قابل للتحديد حالياً على الاقتصاد العالمي.
وأضاف روزنفيلد «أعتقد أن من الصعب جداً تحديد التأثير المحتمل هنا، خاصة إذا كنا ندرس سياسة جديدة تتضمن فرض رسوم جمركية كبيرة على الصين، فهذا ستكون له آثار واسعة النطاق، ليس فقط في سلسلة التوريد ولكن في الاقتصاد بشكل عام».
الانتقادات الاقتصادية
لقد لقيت رسوم ترامب الجمركية انتقادات واسعة من الاقتصاديين الرئيسيين، حيث أشار دوغلاس هولتز-إيكن، رئيس منتدى «أميركان أكشن» ذو التوجهات المركزية-اليمينية، إلى أن هذه الرسوم تمثل زيادة ضريبية تقدر بـ 3 تريليونات دولار. وقد تكلف رسوم ترامب الأسر الأمريكية المتوسطة أكثر من 2600 دولار سنوياً، وفقاً لأبحاث من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي.
لكن ستيفن منوتشين، الذي شغل منصب وزير الخزانة خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى، قال لشبكة CNN الخميس إن ترامب سيكون «حريصاً جداً» على عدم إشعال التضخم من خلال الرسوم الجمركية.
وأضاف منوتشين أن ترامب في ولايته الأولى كان قد منح استثناءات من الرسوم «لأشياء كان لها تأثير على الشركات الأميركية»، لكن «فعلنا ذلك بشكل استراتيجي».
(ديفيد غولدمان CNN)