كشف قاض إسرائيلي، الأحد، عن مزيد من التفاصيل في قضية تتعلق بمسؤول في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضابط عسكري، يشتبه في قيامهما بتسريب وسوء التعامل مع وثائق استخباراتية سرية، وهي القضية التي تسببت بـ"زلزال سياسي" في إسرائيل.

وقال القاضي مناحيم مزراحي من محكمة ريشون لتسيون، إن التسريب كان يهدف إلى التأثير على الرأي العام الإسرائيلي بطريقة من شأنها أن تقلل من الضغوط الشعبية على نتنياهو بشأن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين وإنهاء الحرب في غزة، وفق ما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز".

وطلب المدعون العامون من المحكمة تمديد احتجاز مساعد نتنياهو إليعازر فيلدشتاين، والضابط العسكري الذي لم يتم الكشف عن اسمه علناً.

وتم القبض على الرجلين الشهر الماضي مع جنديين آخرين على الأقل، وهم محتجزون قيد الإقامة الجبرية.

وذكرت "القناة 13" الإسرائيلية أن يسرائيل إينهورن، المساعد السابق لنتنياهو، يشتبه أنه كان ينسق بين مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء وصحيفة "بيلد" الألمانية لتسريب وثيقة سرية.

ويمتنع إينهورن عن العودة إلى إسرائيل، مع العلم أنه من المرجح أن يتم اعتقاله واستجوابه عند وصوله، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

تلاعب وتهديد ونشر لمعلومات حساسة

وتجري السلطات الإسرائيلية تحقيقاً مع المتهمين بشأن تسريب "وثائق عسكرية سرية"، و"تغيير النصوص الرسمية لمحادثات نتنياهو"، بهدف "محاولة تعزيز سمعة نتنياهو في تعامله مع الحرب"، بالإضافة إلى ترهيب الأشخاص المسؤولين عن الوصول إلى هذه السجلات.

وتركز أحد جوانب التحقيق على التلاعب ونشر معلومات استخباراتية حساسة تم تسريبها إلى صحيفة "بيلد" الألمانية في مقال نُشر في سبتمبر. واستشهد المقال بوثيقة لـ"حماس" تزعم وجود خطة لـ"حرب نفسية ضد إسرائيل بشأن قضية المحتجزين".

ونظر المنتقدون إلى الأمر باعتباره جزءاً من حملة تضليل من قبل نتنياهو أو من قبل أنصاره، بهدف التخفيف من الضغط الشعبي للإفراج عن المحتجزين، والتأثير على الرأي العام الإسرائيلي لصالح مواقف رئيس الوزراء التفاوضية

إسرائيليون يرفعون لافتات تقول إن نتنياهو ضد الشعب وإن الإسرائيليين يستحقون قادة أفضل وذلك خلال مسيرة احتجاجية في تل أبيب بإسرائيل. 5 نوفمبر 2024
إسرائيليون يرفعون لافتات تقول إن نتنياهو ضد الشعب وإن الإسرائيليين يستحقون قادة أفضل وذلك خلال مسيرة احتجاجية في تل أبيب. 5 نوفمبر 2024 - REUTERS

وقبل أسبوعين، رفع نفس القاضي، مناحيم مزراحي من محكمة ريشون لتسيون، أمر حظر النشر لتحديد فيلدشتاين، وهو مدني تم تعيينه العام الماضي للعمل كمتحدث باسم نتنياهو، وهو مشتبه به رئيسي في القضية.

ولم يتم استجواب نتنياهو بشأن الاتهامات، ونفى مكتبه تسريب المعلومات، فيما تظل العديد من تفاصيل القضية غامضة بسبب حظر النشر.

طريقة وأسباب تسريب الوثيقة

وبعد رفع الحظر الجديد عن النشر، الأحد، شرح القاضي بالتفصيل كيف تم تسريب الوثيقة ولماذا.

وكتب القاضي أن ضابط صف من الاحتياط، تصرف بمبادرة منه، ونقل بشكل غير قانوني المواد السرية إلى فيلدشتاين عبر شبكات التواصل الاجتماعي في أبريل.

وحاول فيلدشتاين في البداية الكشف عن المعلومات في وسائل الإعلام المحلية، لكن الرقابة العسكرية الإسرائيلية منعت نشرها.

وبعد ذلك، تجاوز فيلدشتاين وزميل آخر الرقابة العسكرية من خلال تسريب هذه الوثيقة السرية في الخارج، وأبلغوا وسائل الإعلام الإسرائيلية، على أمل أن تقتبس منها. 

وأشار نتنياهو إلى مقال "بيلد" في تصريحات بثت من اجتماع مجلس الوزراء.

وبعد أن شكّك صحافيون إسرائيليون في صحة الوثيقة التي شكّلت الأساس لتقرير "بيلد"، سعى فيلدشتاين للحصول على دليل. والتقى مع ضابط الصف، الذي أعطاه نسخة مادية من الوثيقة بالإضافة إلى وثيقتين إضافيتين، تم تصنيفهما على أنهما سريتان للغاية.

ولم يتم الكشف علناً عن أسماء الضابط والمشتبه بهم الآخرين في القضية.

"محاولة التأثير على الرأي العام"

واعتبر القاضي مزراحي أن تصرفات فيلدشتاين كانت تهدف إلى "التأثير على الرأي العام في إسرائيل بشأن المفاوضات التي كانت جارية بشأن قضية المحتجزين، وعلى وجه الخصوص، بشأن مساهمة الاحتجاجات في تعزيز موقف حماس".

ولاحظ القاضي أن محاولات فيلدشتاين لنشر المعلومات جاءت بعد وقت قصير من إعلان الجيش الإسرائيلي في الأول من سبتمبر "العثور على جثث 6 محتجزين إسرائيليين في نفق بغزة بعد إطلاق النار عليهم"، مما أثار احتجاجات واسعة النطاق ضد حكومة نتنياهو بسبب تماطلها في الموافقة على اتفاق مع "حماس" لإطلاق سراح المحتجزين. 

وكتب القاضي أن تصرفات فيلدشتاين نابعة من "رغبته في تغيير الخطاب العام وتوجيه أصابع الاتهام" إلى يحيى السنوار بشأن عدم التوصل إلى اتفاق، وذلك قبل أن تغتاله لاحقاً قوات إسرائيلية في جنوب غزة.