أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، خلال اجتماعهما، مساء الجمعة (بالتوقيت المحلي في واشنطن)، عن قلقهما بشأن تزويد إيران وكوريا الشمالية روسيا بأسلحة فتاكة وسط حربها المستمرة مع أوكرانيا، فيما تجاهلا تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلان "حالة حرب"، حال السماح للغرب بضرب عمق بلاده.

ورغم أن الاجتماع استغرق 20 دقيقة فقط، ذكر البيت الأبيض، في بيان، أن بايدن وستارمر أجريا مناقشات معمقة حول مجموعة من القضايا الخارجية ذات الاهتمام المشترك، إذ أكدا دعمهما الثابت لأوكرانيا، وأعربا عن قلقهما العميق بشأن تقديم إيران وكوريا الشمالية أسلحة فتاكة إلى روسيا، ودعم الصين لقاعدة الدفاع الصناعية الروسية.

ولم يستبعد رئيس الوزراء البريطاني، في وقت سابق، السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "ستورم شادو" رغم تهديدات بوتين، حيث قال للصحافيين: "بدأت روسيا هذا الصراع.. لقد غزت أوكرانيا بشكل غير قانوني، ويمكن لروسيا إنهاء هذا الصراع على الفور".

وكان الرئيس الروسي قال، الخميس، إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيصبح في "حالة حرب بشكل مباشر مع روسيا" إذا سمح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى، غربية الصنع، وهي خطوة قال إنها "ستغير طبيعة ونطاق النزاع".

وناقش بايدن وستارمر، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي، التحديات الاستراتيجية بما في ذلك أوكرانيا والشرق الأوسط، إضافة إلى التعاون الأميركي- البريطاني في مجالات الطاقة النظيفة والتقنيات المتقدمة، وكذلك في إطار تحالف "أوكوس"، بالإضافة إلى الفرص المتاحة لتعميق العلاقات الاقتصادية القوية بين لندن وواشنطن.

لا خلاف بين الحليفين

بحسب مجلة "بوليتيكو"، يعتمد استخدام صواريخ "ستورم شادو" جزئياً على التكنولوجيا الأميركية، لذلك يرى المسؤولون أن موافقة بايدن حيوية للعملية، لكن السبب الرئيسي وراء الرغبة في السير في نفس الاتجاه يعد "دبلوماسياً"، إذ قال مسؤولان بريطانيان إنهما (بايدن وستارمر) كانا حريصين على تجنب إعطاء أي انطباع بوجود اختلاف في الرأي بين الحليفين.

وأعرب المسؤولان عن شكوكهما في أن استخدام الصواريخ قد يغير قواعد اللعبة في الحرب، رغم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال إن "الاستخدام الكافي لها يمكن أن يغير مسار الحرب حقاً".

ووفقاً لما أوردته المجلة، عندما سُئل الرئيس الأميركي عن رأيه في تصريحات بوتين بشأن أن مثل هذا العمل يضع دول "الناتو" في حالة حرب مع روسيا، أجاب بايدن: "لا أفكر كثيراً في فلاديمير بوتين".

ورداً على سؤال حول المدة التي سيكون مستعداً فيها للسماح لأوكرانيا بإطلاق الصواريخ في عمق روسيا، أضاف بايدن: "سنناقش ذلك الآن".

من جانبه، قال ستارمر، بعد الاجتماع، إنه "لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن صواريخ ستورم شادو"، فيما ألمح إلى مزيد من التطورات المحتملة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، المقررة في سبتمبر الجاري. 

وأضاف: "من الواضح أننا سنستأنف المناقشات مجدداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة في غضون أيام قليلة مع مجموعة أوسع من الأفراد".

وأصر ستارمر على أن الاجتماع يتعلق بتأمين تكتيكات بشأن أوكرانيا قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر، وانتصار محتمل للمرشح الجمهوري دونالد ترمب، الذي وصف بوتين بأنه "عبقري".

وقال: "لا، أعتقد أنه إذا نظرت إلى كل من الوضع الأوكراني والشرق الأوسط، فمن الواضح أنه في الأسابيع والأشهر المقبلة هناك تطورات محتملة مهمة حقاً، أياً كانت الجداول الزمنية الجارية في بلدان أخرى".

وكان الناطق باسم مكتب رئيس الوزراء البريطاني قال، في تصريحات لـ"بوليتيكو"، إن ستارمر التقى بممثلي شركات الدفاع والفضاء بمقر السفارة البريطانية في واشنطن، الجمعة، لكن هذا الاجتماع لم يكن مرتبطاً بالصواريخ.

وتبع اجتماع ستارمر مع بايدن قمة أوسع استمرت 90 دقيقة مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي ومساعديه، بما في ذلك مستشار الأمن القومي تيم بارو، والسفيرة البريطانية كارين بيرس، ورئيسة أركانه سو جراي ومدير الاتصالات ماثيو دويل.

وكان ستارمر يسعى بنشاط إلى عقد اجتماع استراتيجي أوسع مع بايدن لبعض الوقت، بعد أن التقى بالرئيس في قمة الناتو، في يوليو، في أسبوعه الأول في منصبه، كما سعى إلى عقد اجتماعات مع المرشحين للرئاسة خلال زيارته لواشنطن، لكنهما كانا خارج المدينة في الحملة.

تعليق ألمانيا

على صعيد آخر، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، الجمعة، إنه لا يستطيع الحكم على ما تتفق عليه المملكة المتحدة والولايات المتحدة بشأن استخدام صواريخ "ستورم شادو"، قائلاً: "الأمر متروك لمن زودوا هذه الأسلحة لاتخاذ القرار. القانون الدولي يسمح بذلك"، بحسب "بوليتيكو".

وأضاف: "إن تهديدات بوتين هي تهديدات بوتين، هذا كل ما يجب قوله. إنه يهدد متى شاء ومتى رأى ذلك مناسباً". يشار إلى أن ألمانيا، على عكس الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، رفضت إرسال صواريخ "توروس" بعيدة المدى إلى أوكرانيا.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، في وقت سابق من هذا العام، بشأن تزويد أوكرانيا بتلك الصواريخ: "هذا خط لا أريد تجاوزه بصفتي مستشاراً".

وصور شولتز نفسه مراراً كزعيم قادر على تقديم المساعدة لأوكرانيا دون تجاوز الخطوط التي من شأنها أن تؤدي إلى حرب أوسع نطاقاً، وقد أشار إليه الساسة داخل حزبه الديمقراطي الاجتماعي (SPD) باعتباره "مستشار السلام" لهذا النهج.