ويقع متجر هواوي الذي تم تجديده مؤخراً على الجانب الآخر مباشرةً من متجر أبل الرئيسي في شنغهاي، في منطقة التسوق الأكثر ازدحاماً في المركز المالي، ويتكون المبنى من ثلاثة طوابق ذات هندسة معمارية تراثية شهيرة، ويضم مقهى وصالة ألعاب رياضية.
كما افتتحت هواوي أربعة متاجر من هذا القبيل في المدن الصينية الكبرى بين ديسمبر كانون الأول وفبراير شباط، في حملة تسويقية قوية من قبل الشركة التي اعتمدت إلى حد كبير على الموزعين المرخصين، وتحاول النهوض مجدداً بعد تعرضها لسيل من العقوبات الأميركية المفروضة في عام 2019 والتي شلّت أعمالها في مجال الهواتف الذكية لمدة أربع سنوات.
ومن الجدير بالذكر أن هواوي التي لم تفتتح متجراً رئيسياً حتى عام 2019، لديها اليوم 11 متجراً في الصين، بينما لدى منافستها الأميركية، أبل، 47 متجراً.
ويعتقد إيثان تشي، المدير المساعد في شركة كاونتربوينت للأبحاث، أن هواوي ستفتتح ما يقرب من 20 متجراً في المستقبل القريب.
ويمثل هذا تناقضاً صارخاً مع عام 2021 عندما تم إغلاق المتاجر المرخصة للشركة في جميع أنحاء الصين بسبب نقص المنتجات لتأثرها بالعقوبات الأميركية.
ومنذ ذلك الحين، طورت شركة هواوي شرائحها الخاصة، وقدمت منتجات ذات شعبية كبيرة تدعم شبكات الجيل الخامس، وبدأت بتوظيف التجار بقوة في الأشهر الأخيرة.
وقال تشي «مع تمكن هواوي من شحن كميات كبيرة، نظراً لهامش الربح الجيد الذي يمكن أن توفره، فقد أصبح (الموزعون) على استعداد لشراء أجهزة هواوي مرة أخرى»، وأضاف «في السابق، لم يتمكن الكثيرون من الحصول على مخزون ولم تكن أجهزتهم التي تعمل بتقنية الجيل الرابع تباع بشكل جيد».
وتتفاوض هواوي بنشاط مع الموزعين، وتروج لمتوسط هوامش الربح المذكورة أعلاه في الصناعة لهواتفها، وتطالب أحياناً ببنود استبعادية لتحويلهم إلى شركاء حصريين لها، وفقاً لمصدرين مختصين في هذا القطاع.
وظهر أكثر من 5200 متجر مرخص لبيع منتجات هواوي خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، أكثر من نصفها في مدن من الدرجة الثالثة والرابعة، وفقاً لشركة أبحاث السوق جيو كيو (GeoQ)، ما ساعد هواوي على توسيع جيشها من شركاء التوزيع على الصعيد الوطني.
ويشكل دفعها التسويقي المتجدد تحدياً كبيراً لشركة أبل، التي عانت من انخفاض مبيعات آيفون بنسبة 6.6 في المئة في الصين إلى 10.8 مليون في الربع الأول، وفقاً لبيانات شركة البيانات الدولية (آي دي سي).
وعلى الجانب الآخر، عززت شركة هواوي شحناتها من الهواتف الذكية بنسبة 110 في المئة لتصل إلى 11.7 مليون في الربع الأول وتفوقت على شركة أبل باعتبارها ثاني أكبر بائع للهواتف الذكية في الصين.
ولم تستجب هواوي وأبل لطلبات التعليق.
حملات ترويجية على قدم وساق
وقال لوكاس تشونغ، المحلل في شركة الأبحاث كنالس، إن هواوي لديها خطط لبناء متاجرها الرئيسية منذ عام 2020، لكن التقدم تباطأ بسبب العقوبات الأميركية، والتي أثرت أيضاً على إطلاق وانتشار منتجاتها المتطورة.
ولا تزال هناك مشكلات في سلسلة التوريد تؤدي إلى نقص في نماذج معينة، لكنها تخضع لسيطرة أفضل بكثير، وتحظى الهواتف الجديدة بشعبية جيدة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن شركة هواوي تركز الآن بشكل مباشر على بيع المنتجات المتميزة التي تنافس شركة أبل، وفقاً للمحللين.
على سبيل المثال، يبدأ أحدث هواتفها الذكية بورا 70 ألترا بسعر 9999 يواناً (1300 دولار)، وهو ما يتوافق مع سعر آيفون 15 برو ماكس، بينما تبيع سامسونغ وشاومي نماذجها المتميزة بأسعار أقل وسط طلب ضعيف في السوق.
وتعرض المتاجر الرئيسية الفاخرة لشركة هواوي منتجات متميزة تتراوح من الهواتف الذكية إلى الأجهزة اللوحية والساعات الذكية وأجهزة التلفزيون وحتى السيارات الكهربائية المصنوعة بالشراكة مع شركات صناعة السيارات الصينية.
وقال تشي «لدى هواوي الآن خط إنتاج طويل»، وأضاف «إنهم بحاجة إلى مناطق تجريبية كبيرة وسيتعين عليهم القيام بذلك بأنفسهم لأن موزعيهم ليست لديهم القدرة على استئجار مثل هذه المساحات الضخمة».
وتؤكد الجهود لبناء المزيد من متاجرها الخاصة أيضاً اعتماد هواوي الكبير على المبيعات عبر القنوات الأخرى غير الإنترنت؛ إذ إن ما بين 70 في المئة و80 في المئة من مبيعات هواوي تأتي من المتاجر الفعلية، في حين ترى أبل أن نحو 40 في المئة من مبيعاتها تأتي من المتاجر الإلكترونية، وفقاً لتوبي تشو، أحد المحللين في كنالس.
وقال تشو «شاومي وأوبو وفيفو تأثرت جميعها (بعودة هواوي)» في إشارة إلى صانعي الهواتف الذكية الصينيين الآخرين، «لكن في الوقت الحالي، كان التأثير الأكبر على شركة أبل».
حتى إن صدى التأثير أصبح مسموعاً خارج الصين.
وقال سايمون لام، صاحب متجر الهواتف الذكية الشهير ترينيتي إلكترونكس (Trinity Electronics) في هونغ كونغ، إن المزيد من متاجر الهواتف الذكية المستقلة بدأت بيع أجهزة هواوي في الأشهر الأخيرة.
وأضاف «الناس على استعداد لدفع الكثير من المال مقابل شراء منتجات هواوي المتطورة، وهو شيء لا يمكن للعلامات التجارية الأخرى المنافسة فيه».
(1 دولار = 7.2259 يوان صيني)
(المصدر- رويترز)