واستعرض مركز «إنترفيس» المستقل والمتخصص في تكنولوجيا المعلومات الأثر البيئي لصناعة الرقائق في دراسته الصادرة تحت عنوان «البصمة البيئية لإنتاج الرقائق: رسم خريطة للتأثيرات المناخية والبيئية»، والتي يحذر فيها من الأثر البيئي الضخم لصناعة الرقائق في ما يخص الانبعاثات الضارة واستدامة الطاقة والوقود والمياه والمعادن وحتى تكاليف النقل وكفاءة استخدام وإعادة تدوير المخلفات.
تقول الدراسة إن أوروبا لم تركز حتى الآن على البصمة البيئية لإنتاج أشباه الموصلات، نتيجة حصتها المنخفضة من الإنتاج العالمي، والتي تتراوح بين 8 و10 في المئة؛ ما يؤدي إلى الاعتماد على مصادر خارجية لأهم عملية بيئية في التصنيع الأولي، ولكن هذا الموقف أصبح غير قابل للدفاع عنه على نحو متزايد، بعد أن استهدف قانون الرقائق في الاتحاد الأوروبي إنتاج 20 في المئة من الإنتاج العالمي بحلول عام 2030، ما يعني زيادة الانبعاثات إلى ثمانية أضعاف، متجاوزة بذلك الانبعاثات الصادرة عن الصناعات الأخرى التي تنتج كميات كبيرة من الانبعاثات.
بالتالي سوف تصبح قضية المناخ أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
هدر الطاقة والمياه
يستخدم مصنع أشباه الموصلات الكبير ما يصل إلى 38 مليون لتر يومياً، ما يعادل استهلاك المياه اليومي لنحو 300 ألف شخص في ألمانيا.
وتُستخدم المياه لإنتاج المياه فائقة النقاء، وهي عملية معقدة تتضمن معالجات متعددة المراحل، مثل التناضح العكسي والترشيح الفائق.
ويستهلك المصنع كميات ضخمة على الرغم من إعادة استخدام المياه وإعادة تدويرها، والتي تختلف معدلاتها بناءً على موقع المصنع، إذ تقوم المصانع في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، مثل تايوان، بإعادة تدوير 80 في المئة من المياه، في حين تقوم المصانع في أوروبا بمعدلات إعادة تدوير أقل، من 10 في المئة إلى 14 في المئة.
وفي ما يخص الطاقة، إذا تم تحقيق هدف الاتحاد الاوروبي، وهو السيطرة على حصة إنتاج بالغة 20 في المئة من الإنتاج العالمي، كما ينص قانون الرقائق الإلكترونية بالاتحاد الأوروبي، فمن المتوقع أن يبلغ استهلاك الكهرباء في صناعة أشباه الموصلات الأوروبية نحو 47.4 تيراوات في الساعة في عام 2030، أي ما يوازي نصف استهلاك مراكز البيانات الأوروبية، البالغ 98.5 تيراوات في الساعة.
وتمثل الكهرباء الحصة الكبرى من استهلاك الطاقة في تصنيع أشباه الموصلات، كما تشكل أيضاً أكبر مصدر منفرد لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في إنتاج الرقائق.
وتختلف كمية الكهرباء المستهلكة بشكل كبير اعتماداً على عوامل مثل نوع الرقاقة وتعقيد عملية التصنيع وتكنولوجيا الطباعة، إذ تستهلك العمليات الأكثر تقدماً مثل الطباعة فوق البنفسجية طاقة أكبر بكثير.
وتمثل شهادات الطاقة المتجددة 84 في المئة من الطاقة المتجددة المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات، ولكن لا تعني شهادات الطاقة المتجددة بالضرورة إنتاجاً إضافياً للطاقة المتجددة، فمن خلال شراء شهادات الطاقة المتجددة غير المجمعة، يمكن للشركات إصدار شهادة «تعويض عن الحصول على الطاقة غير المتجددة» دون استخدام الطاقة المتجددة فعلياً.
وقد يؤدي هذا إلى ازدواج حساب استهلاك الطاقة المتجددة، دون المساهمة في خفض الانبعاثات الحقيقية أو التقدم نحو تحقيق أهداف المناخ.