اعتبر الاتحاد الأوروبي، أن القمة الخليجية الأوروبية التي عُقدت في بروكسل، الأربعاء، تمثل "فرصة للتكتل لتطوير شراكة أوثق مع مجلس التعاون الخليجي ودوله الأعضاء"، مشدداً على أن "السعودية رائدة في حشد الجهود الدولية لتفعيل حل الدولتين".

ووصف المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن، بيتر ستانو، في حديث مع "الشرق"، القمة بـ"نقلة نوعية تدور حول الشراكات الثنائية بين دول التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، وتعكس تقارباً في وجهات نظر"، مضيفاً أنه "في حرب روسيا مثلاً، نتشابه في مواقفنا، نحن لا نريد حرباً تؤثر على الطاقة العالمية والأمن الغذائي".

وشدد المتحدث الأوروبي على أن القمة تناولت تداعيات حربي غزة ولبنان، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي يدعم حل الدولتين، و"سيحشد مزيداً من الزخم للوصول إلى سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

وقال ستانو في حديثه مع "الشرق"، إن دول الاتحاد الأوروبي هي جزء في مبادرة التحالف العالمي من أجل تنفيذ حل الدولتين، ويحاول منذ سنوات حشد الزخم لمحادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن الحل ليس بيد الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون، هي قضية تهم بالأساس الفلسطينيين والإسرائيليين معاً".

وقال إن الاتحاد الأوروبي، سيواصل العمل من أجل وقف الصراع في غزة والوصول إلى حلول دائمة، مشيراً إلى أن "السعودية هي رائدة المبادرة العربية من أجل حل الدولتين، وقد دعمها الاتحاد الأوروبي لسنوات"، مشيراً إلى أن  الأزمة في غزة لن تحل إلا إن أثبتت إسرائيل وفلسطين عزيمة وإرادة حقيقيتين لإنهاء هذا النزاع للأبد والاتفاق على تسوية".

العلاقات مع الصين

وبشأن العلاقات مع الصين، قال ستانو إن "الاتحاد الأوروبي يتشارك مع دول الخليج نفس مكامن القلق والمصالح، ولدينا إمكانيات هائلة لتوسيع الشراكات، وهناك تعاون قائم، وإذا عززنا هذا التعاون سنحقق منافع لسكان الخليج وأوروبا"، معتبراً أن "كل دولة هي حرة في تطوير الشراكات تلبي حاجياتها ومصالحها".

وشدد ستانو على أن الاتحاد الأوروبي لا يملي شروطه على أي دولة، "نحن نحترم حقوق كل دولة في اختيار شركائها، ومن يتبادل معها العمل، ونحترم الحقوق السيادية لدول التعاون الخليجي في اختيار شركائها.

وتشارك رئاسة القمة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بصفته رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وشهدت القمة مشاركة أكثر من 30 رئيس دولة، ورئيس وزراء، كما شارك في القمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان

وتتوج القمة الأولى من نوعها، علاقة استراتيجية وتاريخية، وشراكة بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، إذ تحمل كل منظومة إضافة إلى رؤيتها لتطوير تلك العلاقات، ملفاً ساخناً في محيطها، من شأنه أن يؤثر عليها، وبالتالي في أفق علاقاتها مع العالم دولاً ومنظمات إقليمية.

وحث أمير قطر في كلمته خلال القمة، الدول الأوروبية على الاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس، داعياً إلى "دور أوروبي أكبر" في حل الدولتين. 

 وشدد كذلك، على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، وعبر عن تنديد دول مجلس التعاون الخليجي بالهجمات الإسرائيلية على قوات اليونيفيل في جنوب لبنان.

وثمن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته الافتتاحية، الأربعاء، اعتماد الاتحاد الأوروبي للوثيقة المشتركة للشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج في عام 2022 وتعيين ممثل خاص لمنطقة الخليج، مشدداً على حرص مجلس التعاون الخليجي على تعزيز العلاقات في شتى المجالات.

وأضاف أن الشراكة الأوروبية الخليجية "متينة تجمعها المصالح المتبادلة"، معتبراً أن "مستقبل التعاون الخليجي الأوروبي واعد، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين دولنا 204.3 مليار دولار أميركي في عام 2022".

كما شدد على العمل على تحفيز الاستثمارات وتبادل الخبرات ومكافحة تغير المناخ والحفاظ على البيئة.

من جانبها، عبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، عن التزام الاتحاد بمسار حل الدولتين، مشيرة إلى أن الحرب في أوكرانيا وغزة، تقوضان الأمن في أوروبا والشرق الأوسط.

"نقلات نوعية" في تبادل الاستثمارات

وفي كلمته أمام القمة، قال الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، إن هذه القمة "تعكس إدراك الجانبين لأهمية تعزيز العلاقات السياسة والاقتصادية بين مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي".

وأضاف أن الاستثمارات المتبادلة بين الخليج والاتحاد الأوروبي تشهد "نقلات نوعية"، وتحمل الكثير من الإمكانيات، وفرص تعزيز التواصل، والتكامل.

وتابع: "التهديدات والتحديات التي تواجه عالمنا اليوم تتطلب استمرار التواصل والتشاور والعمل الجماعي، فالقمة تنعقد في وقت يعيش قطاع غزة تحت وطأة حرب تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية، ويدفع ثمنها المدنيون الفلسطينيون الأبرياء".

وواصل: "نؤكد على موقف مجلس التعاون الداعي لضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والسماح بدخول فرق الإغاثة دون قيود، ورفض التهجير القسري للمدنيين في قطاع غزة، والضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني".

بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، في كلمته، إن القمة ترسل رسالة للعالم بأننا "مستعدون لبناء استراتيجية متينة للقرن الحادي والعشرين، والعمل معاً للتصدي للتحديات العالمية"، وأضاف: "نريد مزيداً من الاستقرار والأمن، والاحترام للقانون الدولي".

وتابع: "نتقاسم هدفاً مشتركاً وهو النهوض بالنمو والازدهار لمواطنينا، ونعمل معاً من أجل قضيتي الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، ونتقاسم المسؤولية المشتركية لحماية النظام العالمي، ونؤدي دوراً أساسياً في حل الصراعات، والتصدي لتغير المناخ، وحماية حقوق الإنسان".