واعتذر الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، عن الأذى الذي لحق بالأطفال والعائلات بسبب منصات التواصل الاجتماعي التي تديرها شركته؛ فيسبوك وإنستغرام وواتساب.
اعتذار زوكربيرغ
جاء هذا خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي حضرها زوكربيرغ، مع شو تشيو الرئيس التنفيذي لتيك توك طواعية، في حين ألزم المجلس إيفان سبيغل رئيس سناب شات، وليندا ياكارينو رئيسة إكس (تويتر سابقاً)، وأرسل الحرس الفيدرالي إلى جاسون سيترون رئيس ديسكورد ليلزمه بالحضور.
هذا التأثير السلبي دفع زوكربيرغ ليقول «أنا آسف على كل ما مررتم به جميعاً، فلا ينبغي لأحد أن يمر بالأشياء التي عانت منها عائلاتكم، ولهذا السبب نستثمر كثيراً وسنواصل بذل الجهود على مستوى الصناعة للتأكد من ألّا يمر أحد بالظروف نفسها التي عانت منها عائلاتكم».
التأثير السلبي للمنصات على الأطفال
تُرى تأثيرات واضحة لمواقع التواصل الاجتماعي على زيادة نسبة الاكتئاب واختلال الصحة الاجتماعية، إذ قال 18 في المئة من أبناء جيل زد، ابتداءً من مواليد 1997 حتى مواليد 2013، ممن اشتركوا في دراسة أجرتها شركة ماكنزي آند كومباني للاستشارات الاستراتيجية والإدارية، إنهم يعانون مشكلات في الصحة العقلية.
من ناحية أخرى، تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على صحة الأطفال والمراهقين الاجتماعية، وعلى سلوكياتهم وممارساتهم الجنسية، إذ تشير الدكتورة أسماء مراد، أخصائية علم اجتماع المرأة والإرشاد الأسري، إلى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الثقافة والممارسات الجنسية للأطفال والمراهقين في سن مبكرة «خلال تقديمي للإرشاد الأسري أقابل أمهات عديدات يشكين من أبنائهن المراهقين، فمثلاً تكتشف الأم أن ابنها يشاهد الإباحية أو يمارس عادات جنسية في سن مبكرة، حتى قبل وصوله مرحلة البلوغ».
وأرجعت مراد هذا إلى انفتاح الأطفال على محتوى جنسي غير ملائم لأعمارهم خاصةً في غياب الإشراف الأسري، وأضافت «تقدمت سن المراهقة بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، إذ من السهل أن يخبرك أطفال في المرحلة الابتدائية عن مشاعرهم تجاه الجنس الآخر، على عكس أجيالنا التي عادة ما كانت تختبر مشاعر الانجذاب خلال المرحلة الإعدادية».
تتناسب الآثار السلبية طردياً مع الفترات التي يقضيها الأطفال والمراهقون على مواقع التواصل، وترتفع مدة قضاء الوقت في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي في الأجيال الحديثة، إذ يقضي 35 في المئة من جيل زد أكثر من ساعتين يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي، وفقاً للدراسة التي نشرت نتائجها شركة ماكنزي آند كومباني في أبريل نيسان الماضي.
الكونغرس وشركات التكنولوجيا
من الصعب إنكار نمو شركات التكنولوجيا بشكل تاريخي، فهي تحتل المراتب الأولى لأكبر شركات في العالم على مر التاريخ -الأمر الذي يثير حفيظة المُشرعين والعامة- التي على الرغم من استفادتها من الخدمات التكنولوجية المُقدَّمة تخشى تنامي سلطة شركات التكنولوجيا بشكل لا يمكن إيقافه.
لذا لم يكن أمراً مفاجئاً أن يجتمع قطبا الكونغرس الأميركي، الجمهوريون والديمقراطيون، في رغبتهما لسن قوانين تنظم عمل شركات التكنولوجيا، وتحد من احتكارها، وتحجم تأثيرها على المجتمع.
وفي ملف استغلال الأطفال عبر الإنترنت، كانت شركات التكنولوجيا أعلنت عن مبادرات جديدة، إذ تحث تطبيقات مثل إنستغرام وتيك توك الأطفال على أخذ فترات راحة أو تحديد مقدار الفترة التي يقضونها على المنصات، وقد غيرت خوارزمياتها لإظهار محتوى أقل سمية للأطفال، إذ تقول ميتا إنها غيرت إعدادات الخصوصية الافتراضية للمراهقين للمساعدة في منع الأشخاص الذين لا يعرفونهم من مراسلتهم، ويوفر سناب شات للآباء المزيد من خيارات الإشراف على أبنائهم.
شهد تشيو أن تيك توك تصنف حسابات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً هي حسابات خاصة ولا ينصح بها للأشخاص الذين لا يعرفونهم، وقالت ياكارينو إن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً لا يمكنهم قبول رسائل من أشخاص لا يعرفونهم على منصة إكس، (تويتر سابقاً).
هل الجهود المبذولة تكفي؟
قال زوكربيرغ إن 99 في المئة تقريباً من المحتوى الضار الذي تزيله ميتا يحدد بشكل تلقائي باستخدام الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي علقت عليه كارا ألايمو، أستاذ الاتصالات في جامعة فيرلي ديكنسون، في مقال للرأي على CNN «لا يمكننا الوثوق بأدوات الذكاء الاصطناعي للقيام بهذا التدقيق، إذ أظهرت إحدى الوثائق الداخلية أن الأنظمة الآلية أزالت أقل من 1 في المئة من المحتوى الذي ينتهك قواعد الشركة بشأن العنف والتحريض».
ترى ألايمو أن المنشورات الخاصة بالشكل المثالي للجسم على سبيل المثال من المنشورات الضارة، وأضافت «لا يزال لدى شركات التكنولوجيا الكثير من العمل للقيام به، على الرغم من أنها قد تزعم أنها تعرض منشورات أقل ضرراً للأطفال، فإنه لا يزال من غير الواضح كيفية تحديد ما هو ضار، يجب أن تعمل شركات التكنولوجيا مع خبراء في مجال صحة المراهقين لتطوير ومشاركة معايير المحتوى الذي يمكن عرضه للأطفال، كما يتعين عليها توظيف عدد أكبر من المشرفين لتحديد ما إذا كان المحتوى يلبي هذه المعايير قبل عرضه على الأطفال».
أشارت ألايمو أيضاً في مقالها إلى ضرورة معرفة الآباء والأمهات أحدث التوجهات الشائعة منصات التواصل الاجتماعي التي يتعرض لها الأطفال، وقالت «يجب أن توفر جميع تطبيقات التواصل الاجتماعي الأدوات التي توضح الاتجاهات الشائعة، وخاصة المنشورات الشائعة بين المستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً حتى يستطيع الآباء توعية أطفالهم».