يعد دور الأجداد في حياة الأحفاد من أعمق الأدوار التي تترك بصمة عاطفية وتعليمية على الأجيال الناشئة، حيث يسعى الأجداد غالبًا إلى تدليل أحفادهم ومساعدتهم ماليًا قدر الإمكان. ومع ذلك، قد تؤدي بعض القرارات المالية، التي يتخذها الأجداد بحسن نية، إلى آثار غير مقصودة قد تؤثر سلبًا على مواردهم أو تضر بالعلاقات العائلية أو حتى تضع الأحفاد في مواقف مالية صعبة.

بالتالي من الضروري أن يعي الأجداد التحديات المرتبطة بالمساعدة المالية لأحفادهم وأن يتجنبوا الوقوع في أخطاء شائعة يمكن تجنبها من خلال التخطيط المالي السليم والتواصل الواضح.

الرابطة الأميركية للمتقاعدين، وهي مجموعة مصالح في الولايات المتحدة تركز على القضايا التي تؤثر على الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا فما فوق، حددت خمسة أخطاء رئيسية يرتكبها الأجداد في التعامل مع المال، على النحو التالي:

إغراق الأحفاد بالهدايا على حساب مواردك الخاصة

من الطبيعي أن يشعر الأجداد برغبة في تدليل أحفادهم بالهدايا المكلفة، مثل الألعاب الإلكترونية، إلا أن الخبراء يحذرون من تأثير هذا على وضعهم المالي. فالتخطيط الجيد يتطلب عدم التضحية بالموارد الضرورية للنفقات اليومية.

ما يجب فعله: حدد ميزانية للهدايا والتزم بها، مع تجنب شراء الهدايا باهظة الثمن. فكر في تقديم هدايا مبتكرة مثل تنظيم أنشطة ممتعة أو إعداد ألبوم صور من الذكريات أو تعليمهم طهو وصفة تقليدية.

عدم التخطيط لإرث الأحفاد بشكل صحيح

إذا كنت ترغب في ترك ميراث لأحفادك، فإن إعداد خطة إرث واضحة أمر لا بد منه، حيث يمكن أن يحول دون النزاعات العائلية. ورغم أهمية الوصايا، إلا أن دراسة عام 2024 تشير إلى أن حوالي ثلث الأمريكيين فقط لديهم وصية.

ما يجب فعله: ضع في اعتبارك الاختلافات العمرية والظروف المالية لكل حفيد. يمكن تقسيم الميراث بالتساوي إذا كانوا متقاربين في العمر، أو مراعاة حالة حفيد يحتاج لدعم أكبر إذا كانت هناك ظروف خاصة. كما يُنصح بإرفاق رسالة توضيحية مع وصيتك إذا خصصت نصيبًا أكبر لأحد الأحفاد لتجنب أي سوء تفاهم مستقبلي.

إنشاء حساب للتوفير الجامعي دون التواصل مع الأبناء

كثير من الأجداد يفتحون حسابات توفير جامعية لأحفادهم دون استشارة أبنائهم، ما قد يؤدي إلى سوء تفاهم. فقد يكون للأبناء خططهم الخاصة لحسابات التوفير، أو قد يعتقدون أن الأجداد سيتكفلون بكامل مصاريف الدراسة.

ما يجب فعله: تواصل مع أبنائك وتحدث معهم حول خططك للمساهمة في حساب التوفير الجامعي، وحدد بوضوح مقدار المساهمة وكيفية توزيعها. تذكر أن مساهماتك في حساب 529 تعتبر هدية من الناحية الضريبية، لذلك قد يكون من الأفضل أن تقتصر على مبلغ معين سنويًا لتجنب ضريبة الهدايا.

التوقيع كضامن لقرض دراسي

قد يشعر بعض الأجداد بالضغط للضمان على قروض تعليمية لأحفادهم، خاصة إذا كان الآباء غير مؤهلين لقرض الوالدين الفيدرالي. ولكن هذا قد يعرضهم لمخاطر مالية كبيرة، خاصة إذا عجز الحفيد عن سداد القرض، ما قد يؤدي إلى اقتطاع جزء من تأمينهم الاجتماعي لسداد الدين.

ما يجب فعله: فكر في دعم تعليم الحفيد بطرق أخرى، مثل المساهمة في حساب 529 أو تقديم مساعدتك للبحث عن منح دراسية. يمكنك أيضًا دفع جزء من الرسوم مباشرةً للجامعة، ما يسمح لك بتقديم مساعدة دون الالتزام بالقرض.

عدم نقل حكمتك المالية إلى الأحفاد

لدى الأجداد تجارب مالية قيمة يمكن أن تساعد أحفادهم في تعلم إدارة الأموال. ولكن للأسف، يفوّت البعض فرصة مشاركة خبراتهم المالية التي اكتسبوها عبر السنين.

ما يجب فعله: كن صريحًا في الحديث عن تجاربك المالية، بما في ذلك النجاحات والأخطاء التي تعلمت منها. يمكن أن يكون الحوار المفتوح عن الأموال مؤثرًا للغاية ويساعد الأحفاد في بناء قاعدة من الوعي المالي عند دخولهم مرحلة البلوغ.

نصائح عامة

الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة حنان رمسيس، أشارت لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن العمر ليس العامل الحاسم في قدرة الفرد على الاستثمار، بل الفهم والاستيعاب للمخاطر الاستثمارية هو الفيصل. فقد يكون شخص صغير السن غير واعٍ بالاستثمار بينما نجد كبارًا في السن يديرون استثماراتهم بوعي وخبرة.

ولفتت إلى أن كبار السن الذين يفتقرون للوعي بالمخاطر الاستثمارية يحتاجون إلى متابعة ودعم شخصي من مختصين يتمتعون بسعة الصدر والقدرة على شرح الأمور بشكل مبسط. هذا الدعم ضروري لمساعدتهم في اتخاذ قرارات استثمارية آمنة ومناسبة لطبيعتهم.

من جانب آخر، ذكرت الخبيرة أن معظم كبار السن يميلون إلى الأوعية الادخارية البنكية، حيث توفر لهم عوائد شهرية تساعدهم في تغطية احتياجاتهم المعيشية بجانب المعاشات. بينما نسبة قليلة منهم تتجه نحو بدائل استثمارية أخرى مثل الأسهم، وغالبًا ما يكون ذلك مقرونًا بالخوف والقلق.

لتشجيع كبار السن على الاستثمار في الأسهم، نصحت الخبيرة باختيار أسهم قليلة المخاطر وتمنح عوائد ثابتة مثل الأسهم التي تقدم كوبونات أو عوائد مالية سنوية، لأنها تتماشى مع طبيعتهم وتوفر لهم استقرارًا نفسيًا وماديًا. كما أكدت أهمية الاستثمار طويل الأجل الذي يحقق نموًا تدريجيًا في رأس المال مع مرور الوقت.

في النهاية، أوضحت أن دور الوسيط الاستثماري حيوي جدًا، حيث يجب أن يكون داعمًا ومستشارًا يعتمد أسلوبًا واضحًا ومستقرًا في التعامل مع كبار السن، ويعرض عليهم خيارات استثمارية تناسب احتياجاتهم وشخصياتهم، بعيدًا عن الأسهم ذات المخاطر العالية.

مبادئ أساسية

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي ياسين أحمد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أهمية اتخاذ خطوات مدروسة لإدارة المال بالنسبة لكبار السن، مشيراً إلى أن اتباع هذه النصائح يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار المالي والأمان في هذه المرحلة من الحياة.

وأوضح الخبير أن هناك عدة إجراءات يمكن أن تسهم في تحسين الوضع المالي لكبار السن، أبرزها:

  • يتعين وضع ميزانية شاملة تغطي النفقات الأساسية مثل السكن والغذاء والأدوية، والترفيه؛ لضمان التحكم في الإنفاق وتجنب أي عجز مالي.
  • من الضروري الابتعاد عن الاقتراض، خاصة للإنفاق على الكماليات أو الأمور غير الضرورية، لتجنب زيادة الأعباء المالية والإبقاء على المصروفات ضمن الحدود المعقولة.
  • في حال عدم وجود خطة مسبقة للتقاعد، يُنصح بالاستعانة بخبير مالي لتحديد أفضل استراتيجيات الاستثمار وضمان تدفق دخل مستدام.
  • يعد التأمين أداة حيوية للتعامل مع التكاليف غير المتوقعة للرعاية الصحية، وهو ضروري لضمان الحماية المالية في حالات الطوارئ.
  • يتعين تخصيص جزء من الدخل كمدخرات للطوارئ، لمواجهة أي ظروف غير متوقعة مثل الحوادث أو الأمراض.

كما نوّه إلى ضرورة توخي الحذر من العروض المشبوهة أو الرسائل المضللة المتعلقة بالاستثمار أو القروض، مشددًا على ضرورة التعامل مع المؤسسات المالية الموثوقة فقط.

وفي حالة وجود صعوبات في إدارة الأمور المالية، يُفضل تعيين وكيل مالي موثوق أو مستشار متخصص للمساعدة في اتخاذ القرارات المالية الصائبة.

واختتم ياسين حديثه بالتأكيد على أن هذه النصائح تمثل خارطة طريق نحو حياة مالية مستقرة وآمنة لكبار السن، مع ضرورة التأكيد على أهمية التوازن بين الإنفاق والادخار.